حكم تمييز انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء المقاصة القانونية
محكمة التمييز
جلسة 15من يونيو سنة 2021
الطعن رقم 201 لسنة 2021 تمييز مدني
(1-3) التزام “انقضاء الالتزام: انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء: المقاصّة القانونية: شروطها”. إيجار ” التزامات المستأجر: مقابل الانتفاع بالعين بعد انتهاء عقد الايجار”. حكم “عيوب التدليل: ما لا يعدّ كذلك”.
(1) شروط المقاصّة القانونية الستة (م390مدني). وجوب توافرها مجتمعة. تخلّف أحد تلك الشروط. مقتضاه. اعتبارها مقاصّة قضائية. مؤداه. وجوب طلبها من المتمسك بها في صورة دعوى أصلية أو طلب عارض أمام محكمة أول درجة.
(2) دين مقابل الانتفاع عن الفترة التالية لانتهاء عقد الإيجار غير معين المقدار. علة ذلك. الأجرة المتفق عليها ليست الأساس الوحيد لتقديره.
(3) قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض دفع الطاعنة بانقضاء التزامها بالمقاصّة القانونية بين دينها ودين المطعون ضدها لعدم توافر شروطها واعتبارها مقاصة قضائية؛ كان عليها أن تطرحها في صورة طلب عارض. صحيح.
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصّل في أن المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم …. لسنة 2019، بطلب الحكم بإلزامها بأن تردّ لها مبلغ … ريال تسلّمتها من لجنة فضّ المنازعات الإيجارية بدون حق، فضلاً عن التعويض، على سندٍ من القول: إنه سبق للمطعون ضدها وأن أودعت أثناء تداول جلسات الدعوى السابقة المرددة بينهما رقم … لسنة 2014 مبلغاً مقداره …. ريال مقابل الانتفاع بالعين في الفترة من ../../2014 إلى ../../2016، وإذ قُضي في هذه الدعوى بانتهاء عقد الإيجار، وإلزام المطعون ضدها بمبلغ … ريال، إلا أن الطاعنة قامت بصرف مبلغ الوديعة بالكامل، بما يحق لها الرجوع عليها برد ما زاد على المبلغ المقضي به. حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ …. ريال، وتعويضاً بمبلغ …. ريال. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم… لسنة 2020، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم … لسنة 2020. وبتاريخ ../../2021 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول: إن قضاء الحكم في الدعوى رقم … لسنة 2014 بمبلغ …. ريال يقتصر على مقابل انتفاع المطعون ضدها بالعين المؤجرة من تاريخ انتهاء عقد الإيجار في ../../2013 إلى حين صدور الحكم في الدعوى بتاريخ ../../2016 إلا أن المطعون ضدها ظلت منتفعة بالعين حتى التنفيذ الجبري الحاصل في ../../2016، بما يكون معه المبلغ المودع من المطعون ضدها واستلمته الطاعنة زائداً عن المقضي به يدخل ضمن مقابل انتفاع المطعون ضدها بالعين لحين الإخلاء، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ألزمها بردّه، على سند من أنها كان يتوجّب عليها تقديم طلب عارض به، رغم استحقاق الطاعنة له؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في غير محلّه؛ ذلك أن النصّ في الفقرة الأولى من المادة (390) من القانون المدني على أن: ” 1- للمدين حقّ المقاصّة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن، ولو اختلف سبب الدينين إذا كان موضوع كل منهما نقوداً أو مثليات متحدة في النوع والجودة، وكان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاءً.”؛ يدلّ على أنه يشترط لوقوع المقاصّة القانونية بين دينين أن يكون الدينان متقابلين، ومتماثلين في المحل، وخاليين من النزاع، ومستحقي الأداء، وأن يكون كلاهما قابلاً للحجز عليه، وصالحاً للمطالبة به قضائياً، ولا يكفي في أي من الدينين محل المقاصّة أن يكون محقق الوجود، بل يجب أيضاً أن يكون معلوم المقدار، ولا يعتبر كذلك إذا كان تعيين مقداره موقوفاً على تقدير موضوعي. وهذه الشروط الستة يجب توافرها مجتمعة لقيام المقاصة القانونية، فإذا تخلّف أي منها، فلا يجوز إيقاعها، واعتبرت المقاصّة في حقيقتها قضائية، تستلزم أن يطلبها المتمسّك بها في صورة دعوى أصلية أو طلب عارض أمام محكمة أول درجة؛ وفقاً لأحكام المادتين (79)،(81) من قانون المرافعات. وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تتخذ من الأجرة المتفق عليها بين الطرفين أساساً لتقدير مقابل الانتفاع عن الفترة التالية لانتهاء العقد، إلا أن هذه الأجرة لا تعدو إلا أحد معايير التقدير، يجوز لها أن تزيد عليها أو تنقصها ما دام أحد الطرفين قد تمسّك بأنها لا تعبر عن الواقع خلال الفترة المطالب بها، والتي لا تدخل ضمن مدة الإيجار، وهو ما يجعل الدين مقابل الانتفاع خاضعاً للتقدير فينتفي عنه شرط أن يكون معلوم المقدار. لمّا كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أنه ولئن كانت الشركة الطاعنة قد تمسّكت أمام محكمة أول درجة بأن ما زاد من مبلغ تسلّمته عن المقضي به في الدعوى السابقة المرددة بينها والمطعون ضدها، ينصهر ضمن المبالغ المدينة بها الأخيرة مقابل انتفاعها بالعين عن الفترة اللاحقة للحكم الصادر في هذه الدعوى، وهو ما يعتبر دفعاً بانقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء يجوز للمدين أن يتمسّك به دون تنفيذ الالتزام عيناً نظير انقضاء ما هو مستحق له قبل هذا الدائن ما دام الالتزامان متقابلين ومتماثلين في المحل، ولو كان لكل منهما سبب مغاير لسبب الالتزام المقابل، إلا أنه لمّا كان مقابل الانتفاع عن الفترة اللاحقة على انتهاء عقد الإيجار، لا يرقى لأن يكون ديناً معلوم المقدار، باعتباره يخضع لتقدير قاضي الموضوع، فإن طلب المقاصّة ذاك يكون في حقيقته مقاصّة قضائية لا قانونية، فلا يجوز للمحكمة أن تعمل آثارها إلا إذا طرحتها الشركة الطاعنة المتمسّكة بها في صورة طلب عارض، وهو ما لم تسلكه الطاعنة، فلا على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إن التفت عن إيقاعها. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى للنتيجة ذاتها، فلا يعيبه ما وقع في أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة، ما دامت لا تنال أو تؤثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها؛ إذ لمحكمة التمييز تصحيح ما وقع فيه من خطأ، دون أن تُميّزه، ويضحى الطعن برمته على غير أساس.