محكمة التمييز ترقية الموظف: الترقية الاستثنائية
محكمة التمييز
جلسة 26 من مايو سنة 2021
الطعن رقم 153 لسنة 2021 تمييز مدني
إداري “موظفون: ترقية الموظف: الترقية الاستثنائية”. حكم “عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون”.
الترقية الاستثنائية. طبيعتها وشروطها. م (48) من قانون الموارد البشرية المدنية رقم (15) لسنة 2016. استثناء من القاعدة العامة في شروط الترقية ومددها. المادتين (46 ،47) من ذات القانون.ترقية موظف استثنائياً لا تنشئ حقاً للأقدم من زملائه للمطالبة بالترقية. علة ذلك. خضوعها لتقدير جهة الإدارة لا يحدها إلا إساءة استعمال السلطة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر ومسايرته لتقرير الخبرة واعتبار أن المطعون ضدها أجدر من زميلتها المقارن بها بالترقية دون اعتبار للملائمات المتروكة لجهة الإدارة. خطأ.
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصّل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن بصفته الدعوى رقم … لسنة 2019 [إداري كلي]، بطلب الحكم بإلغاء قرار الترقية فيما تضمنه من تخطيها في الترقية من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية. على سند من أنها تعمل موظفة لدى الطاعن بصفته منذ عام 2002، وفوجئت بتاريخ ../../2018 بترقية زميلتها ….. رغم أنها أحدث منها في الأقدمية، فتقدّمت بتظلّم من هذا القرار في ../../2019، وأخطرت في ../../2019 برفضه، فأقامت الدعوى. ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بإجابة طلبات المطعون ضدها. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة2020. وبتاريخ ../12/2020 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته على هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة اليوم لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أن زميلة المطعون ضدها المقارن بها تمّ ترقيتها للدرجة الثانية باعتبارها ترقية استثنائية، ومن ثم فلا يعتدّ فيها بمعيار الأقدمية، إلا أن الحكم المطعون فيه اتّخذ من تقرير الخبير سنداً له، واعتبر أن المطعون ضدها تستحق الترقية الاستثنائية لتوافر شروطها بها، وأن تقارير تقييم أدائها أكثر تميّزاً من زميلتها، ورتّب على ذلك قضاءه بإلغاء قرار ترقية زميلتها فيما تضمنه من تخطي المطعون ضدها؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محلّه؛ ذلك أن النصّ في المادة (46) من قانون الموارد البشرية المدنية الصادر بالقانون رقم (15) لسنة 2016 على أن: ” تكون الترقية في وظائف الدرجات من الثانية عشرة حتى الممتازة بالأقدمية، ووفقاً لتقييم الأداء… “، والمادة (47) منه على أن: ” مع مراعاة حكم المادة (31) من هذا القانون، يشترط في الترقية بالأقدمية للوظائف حتى الدرجة الأولى، ألا يقل مستوى تقييم أداء الموظف عن السنتين الأخيرتين عن جيد، وقضاء المدة البينية المحددة بدليل وصف وتصنيف وترتيب الوظائف العامة، واجتياز الدورات التدريبية المقررة للموظفين المرشحين للترقية والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير وفقاً للخطة الوطنية للتدريب التي تضعها الوزارة. ويشترط للترقية لوظائف الدرجتين الخاصة والممتازة، ألا يقل مستوى تقييم أداء الموظف عن السنتين الأخيرتين عن جيد جداً، بالإضافة إلى الشروط الأخرى المنصوص عليها في الفقرة السابقة.”، و المادة (48) من القانون ذاته على أن: ” يجوز بقرار من الرئيس ترقية الموظف المتميّز ترقية استثنائية إلى الدرجة الأعلى مباشرة دون التقيد بشرط المدة البينية أو المؤهل، بشرط أن يكون تقييم أداء الموظف بمستوى ممتاز عن آخر تقريرين لتقييم أدائه، وأن يكون قد أمضى في الخدمة مدة لا تقل عن خمس سنوات، وألا يكون قد وقع عليه جزاء تأديبي ما لم يكن قد تمّ محوه، وألا يتجاوز مجموع الإجازات التي حصل عليها الموظف في العامين السابقين على تاريخ رفع طلب الترقية الاستثنائية خمسة أشهر فيما عدا الإجازات الدورية أو المرضية. وتكون الترقية الاستثنائية إلى وظائف الدرجة الأولى فما دونها. ولا تؤثر الترقية الاستثنائية على موعد استحقاق الترقية بالأقدمية متى توافرت شروط استحقاقها. ولا يجوز ترقية الموظف ترقية استثنائية قبل مضي عشر سنوات على الأقل على ترقيته الاستثنائية السابقة، وبما لا يجاوز مرتين طوال مدة خدمته الوظيفية.”؛ يدلّ على أن معيار الأقدمية هو القاعدة العامة في ترقيات الموظفين عموماً منذ بداية السلّم الوظيفي وحتى الدرجة الممتازة، فلا يجوز تخطي الأقدم في أي من قرارات الترقية لإحدى هذه الدرجات، ما دام الموظف قد استوفى الشروط اللازمة لاستحقاق الترقية كالحصول على تقدير جيد في تقييم الأداء عن السنتين الأخيرتين – فيما عدا الترقية للدرجة الخاصة أو الممتازة التي تستلزم ألا يقل تقرير تقييم الأداء عن جيد جداً- واكتمال المدة البينية اللازمة للترقية للدرجة الأعلى، واجتياز الدورات التدريبية المقررة للترقية لتلك الدرجة، بيد أنه إعلاء من المشرع لقيمة الوظيفة العامة والكفاءة في أدائها، ورعاية للموظف المجد المتميز في أداء وظيفته المنوطة به بجدارة، وحتى لا يظنّنّ هذا الموظف أن الاجتهاد والتميّز الذي بذله قد يذهب هباءً منثوراً، فيتساوى مع باقي زملائه ممن يضنّون إلا بالحد الأدنى اللازم لأداء الوظيفة أو لاستحقاق الترقية للدرجة الأعلى، ارتأى المشرع تشجيعاً للمنافسة بين الموظفين المجتهدين، وباعتبار أن هذا التنافس سينعكس بالتالي على الارتقاء بكامل المؤسسة ذاتها التي يعملون بها، توكيد أن كفاءة الموظف العام ليست زبداً يؤول جفاءً، وإنما سيكون لها أثر ومردود، فمنح جهة الإدارة سلطة مكافأة أكثرهم تميزاً – ما دام مر على تعيينه أكثر من خمس سنوات- بالترقية الاستثنائية للدرجة الأعلى مرتين طوال مدة خدمته، يفصل بينهما فترة بينية لا تقل عن عشرة سنوات، واشترط المشرع لاستعمال جهة الإدارة لهذه السلطة، أن يكون تقييم أداء هذا الموظف في التقريرين الأخيرين بدرجة ممتاز – وليس مجرد درجة جيد كحال الترقية بالأقدمية- وألا يكون قد حصل على جزاء تأديبي لم يتم محوه بعد، أو أسرف في التمتع بإجازات في العامين الأخيرين تزيد على خمسة أشهر، والترقية الاستثنائية بهذه المثابة، تتحلل جهة الإدارة فيها من شرطي معيار الأقدمية، أو قضاء الموظف لكامل المدة البينية المقررة للترقية للدرجة الأعلى، فيترخص لها في هذه الحالة تخطي الأقدم، ولا تنشئ هذه الترقية الاستثنائية حقاً للأقدم في المطالبة بترقيته أسوة بزميله المرقى استثنائياً، فهي تخضع لمحض تقدير جهة الإدارة، ولا يحدها في ذلك إلا إساءة استعمال سلطتها أو تنكبها تحقيق الصالح العام. لمّا كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الخبير المندوب في الدعوى انتهى إلى أحقية المطعون ضدها في الترقية الاستثنائية باعتبارها قد حصلت على تقدير ممتاز في السنوات الثلاث الأخيرة، بينما حصلت زميلتها المقارن بها، على درجة ممتاز في التقريرين الأخيرين فقط بينما ما سبقهما كان بتقدير جيد، وإذ كان المعوّل عليه في تقييم أداء الموظف لاستعمال جهة الإدارة سلطتها في الترقية الاستثنائية يُكتفى فيه بالتقريرين الأخيرين بغض النظر عن درجة تقييم الأداء في التقارير السابقة عليهما، وأن انتقاء جهة الإدارة لأحد الموظفين لاستحقاق الترقية الاستثنائية، واختياره دون سواه من زملائه الأقدم في نفس الدرجة، باعتباره أكثرهم تميزاً وكفاءة في أداء وظيفته المنوطة به، هو من الملائمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة، لا يجيز للقضاء أن يحل محلها فيه، واختيار موظف آخر بحجة الأقدمية أو الأكثر جدارة، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، وساير تقرير الخبير في نتيجته، واعتبر أن المطعون ضدها أكثر جدارة من زميلتها المقارن بها على هذا الأساس؛ فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه؛ مما يوجب تمييزه.