حكم تمييز رقابة القضاء على قرارات إنهاء خدمة الموظف
محكمة التمييز
جلسة 1 من نوفمبر سنة 2021
الطعن رقم 494 لسنة 2021 تمييز مدني
إداري “موظفون: إنهاء خدمة الموظف: رقابة القضاء على قرارات إنهاء خدمة الموظف بغير الطريق التأديبي”. حكم “عيوب التدليل: ما لا يعدّ كذلك”.
انتهاء خدمة الموظف بغير الطريق التأديبي. تمتّع الإدارة فيها بسلطة تقديرية واسعة حدّها الصالح العام. لا يشترط استباقها بتحقيق. للقضاء الإداري مراقبة مشروعية القرار الصادر بها. حدّ ذلك. التحقّق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً. (مثال لاستخلاص سائغ باعتبار القرار المطعون فيه قائماً على سببه وحصيناً من الإلغاء).
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصّل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم …. لسنة 2020 أمام الدائرة الإدارية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بصفته بأن يؤدي له مبلغ ….. ريال تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به جراء حرمانه من دخل (10) سنوات لإحالته إلى التقاعد قبل بلوغه السن المقررة، ومبلغ …. ريال تعويضاً عن الأضرار المعنوية، وذلك على سند من أنه التحق بالعمل بجهاز …….. بوظيفة كابتن طيار، وبتاريخ ../../2017 أحيل للتقاعد دون مبرر قانوني، وفي ../../2020 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي للطاعن مبلغ …. ريال تعويضاً عن الأضرار المادية والمعنوية. طعن المطعون ضدهما بصفتهما في هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 2020، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم …. لسنة2020. وبتاريخ ../../2021 قضت المحكمة في الاستئناف الأول، بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء برفض الدعوى، وفي الاستئناف الثاني بعدم قبوله شكلاً، لرفعه بعد الميعاد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ حدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول: إن الجهة الإدارية أصدرت قرارها بإحالته للتقاعد دون سبب مشروع رغم عدم بلوغه سن التقاعد، ولم يكن هناك سبباً حقيقياً مما يجعل القرار المطعون فيه مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك، وقضى بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى استناداً إلى أن سبب القرار الصالح العام، وذلك بالمخالفة للثابت بالأوراق؛ فإنه يكون معيباً؛ بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن النصّ في المادة (33) من القرار الأميري رقم (10) لسنة 2006 بشأن الديوان الأميري والتي تحيل إلى المادة (159) من قانون الموارد البشرية رقم (8) لسنة 2009 على أن: “تنتهي خدمة الموظف لأحد الأسباب الآتية:1-…….. 2-……. . 3- الاستقالة أو إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي. 4 -……..”؛ يدلّ على أن المشرّع حدّد أسباباً لانتهاء خدمة الموظف من بينها إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي، وتتمتع الإدارة في ذلك المجال بسلطة تقديرية واسعة لا يحدها إلا الصالح العام ولا يشترط أن يسبق إحالة الموظف إلى التقاعد وفقاً لهذا السبب إجراء تحقيق أو مواجهته بمخالفات أو وقائع معينة منسوبة إليه، ونشاط القضاء الإداري في وزنه للقرار الإداري الصادر في هذا الشأن، وإن كان ينبغي أن يقف عند حد المشروعية أو عدمها في نطاق الرقابة القانونية، دون أن يتجاوزها إلى وزن مناسبات القرار وغير ذلك؛ مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الإدارة بغير معقب إلا أن له الحق في بحث الوقائع التي بنى عليها القرار الإداري بقصد التحقق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار، وهذه الرقابة الإدارية تجد مجالها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً. وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه، بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض دعوى الطاعن، على سند من أن إحالة الموظف للتقاعد بغير الطريق التأديبي يجد حده الطبيعي في وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام بحسبان ذلك من الملاءمات المتروكة لتقديرها بلا معقب عليها، مادام قرارها خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، وأن الجهة الإدارية – المطعون ضدها – أنهت خدمة عدد من الموظفين بغير الطريق التأديبي وإحالتهم للتقاعد ومن بينهم الطاعن مبررة ذلك بكونهم من العمالة الفائضة ولا يغير من ذلك مجرد تقديم الطاعن ما يفيد أنه لم يبلغ سن التقاعد عند إحالته على التقاعد بغير الطريق التأديبي، إذ لا يرقى هذا المسلك منها بذاته دليلاً على إساءة استعمال السلطة، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً، وله أصله الثابت بالأوراق، ويكفي لحمل قضائه، ويتضمّن الردّ المسقط لما أثاره الطاعن على خلافه، فإن النعي بأسباب الطعن، لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع، لا تتسع لها رقابة محكمة التمييز، ويضحى النعي على غير أساس.