حكم تمييز التصرفات التي يبرمها الوكيل هي لحساب الأصيل
محكمة التمييز
جلسة 26 من مايو سنة 2021
الطعن رقم 145 لسنة 2021 تمييز مدني
وكالة “أثر الوكالة”. دعوى “الصفة في الدعوى”. حكم “عيوب التدليل:الخطأ في تطبيق القانون”
التصرفات التي يبرمها الوكيل هي لحساب الأصيل. مباشرة الوكيل إجراءً معيناً سواء كان من أعمال التصرف أو الإدارة. عدم جواز مقاضاته عن هذا الإجراء. وجوب توجيه الخصومة في النزاع الناشئ عنه للأصيل ليس للوكيل. (مثال بشأن دعوى رفعت على الوكيل بشأن تصرف قام به نفاذاً لتعليمات الموكل)
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصّل في أن المطعون ضدهما بصفتهما مُصفّيي تركة المرحوم …… أقاما على الشركة الطاعنة الدعوى رقم …. لسنة 2017 [مدني كلي]، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوضع العقارات التي في تصرّف الطاعنة تحت أيديهما، وبندب خبير لإجراء الحساب بين الطرفين، على سند من أنه في غضون عام 2009 أبرم المورث مع الطاعنة عقد مقاولة التزمت بموجبه بإنشاء …. فيلا، ومجمعاً سكنياً وملحقاته مقابل مبلغ…. مليون ريال، كما التزمت بإدارة العقارات وتأجيرها وقبض القيمة الإيجارية نيابة عن المالك الذي خوّلها التوقيع على عقود الإيجار، وأن المالك تُوفّي، وبمناسبة تصفية تركته تبيّن أن الطاعنة تأخّرت في تنفيذ المقاولة، إذ أتمّت …. فيلا مع فيلتين بصدد الإنشاء، ولم تُقدّم كشف حساب عن القيمة الإيجارية للفلل التي أتمّتها، مما حدا بهما لإقامة الدعوى. قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب خبير، وبعد أن أودع تقريره عدّل المطعون ضدهما طلباتهما إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي إليهما مبلغاً مقداره …. ريالاً، ومبلغاً مقداره ….. ريالات و …. درهماً قيمة إيجار …. فيلا عن المدة من ../../2018 وما يستجد حتى تسليم الفلل، وإلزامها بالقيمة الإيجارية للفلل المؤجرة للورثة عن المدة من ../../2018 وما يستجد حتى تسليم الفلل فضلاً عن التعويض، كما أقامت الطاعنة طلباً عارضاً بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا لها مبلغاً مقداره …. ريالاً عن باقي مستحقاتها. حكمت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهما بصفتهما مبلغاً مقداره …. ريالاً، وبرفض ما زاد على ذلك من طلبات، وفي الطلب العارض بإلزام المطعون ضدهما بصفتهما بأن يؤديا للشركة الطاعنة مبلغاً مقداره …. ريالاً. استأنف المطعون ضدهما بصفتهما هذا الحكم بالاستئناف رقم … لسنة 2019، كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم … لسنة 2019. ندبت محكمة الاستئناف خبيراً، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ ../../2020 في الدعوى الأصلية بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة تأخير وبرفضها، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهما بصفتهما مبلغاً مقداره …. ريالاً، وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الطلب العارض، وبرفضه. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة المشورة –؛ فحُدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول: إن الوكالة المسندة لها لا تمنحها سلطة مخالفة تعليمات المالك بعدم تحصيل أجرة الفلل المخصصة لأقاربه، وأن عدم تحصيلها للأجرة لا يترتّب عليه إلزامها بمقدارها، بل تظل الأجرة عبئاً على المنتفعين بالعقارات دون سواهم، وإذ ألزمها الحكم المطعون فيه بمقدار أجرة هذه الفلل، فإنه يكون معيباً، بما يستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن النصّ في المادة (716) من القانون المدني على أن: “الوكالة عقد يلتزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل.” وفي المادة (733) من ذات القانون على أن: “تطبق المواد من (83) إلى (87) الخاصة بالنيابة في التعاقد في علاقة الموكل والوكيل بالغير الذي يتعامل مع الوكيل.” وفي المادة (84) منه على أنه: ” إذا أبرم النائب، في حدود نيابته، عقداً باسم الأصيل، فإن كل ما يترتّب على هذا العقد من آثار ينصرف مباشرة إلى الأصيل.”؛ يدلّ على أن ما يجريه الوكيل من تصرفات وُكّل فيها إنما هو لحساب الموكِّل، فإذا باشر إجراءً معيناً سواء كان من أعمال التصرّف أو الإدارة، فلا يجوز مقاضاته عن هذا الإجراء، وإنما تُوجّه الخصومة للموكّل؛ إعمالاً لقاعدة أنه لا يجوز أن يخاصم أحد بوكيل عنه، كما أن التصرّف الذي يجريه الوكيل يكون حجة على الموكّل وتنصرف آثاره إليه، باعتباره ممثلاً في التصرّف الذي أجراه الوكيل لحسابه، طالما أن التصرّف يدخل في نطاق الوكالة، فمن الخصائص الجوهرية للوكالة عدم التزام الوكيل وعدم انتفاعه بشيء من آثار التصرّف القانوني الحاصل بطريق الوكالة؛ إذ لا ترجع آثار هذا التصرّف إلا إلى الموكّل والغير الذي تعامل معه الوكيل، ومن ثمّ فإن حكم قاعدة الوكالة يتجلّى في إيجاد رابطة مباشرة بين الموكِّل والغير فيكتسب الأخير قبل الموكِّل كافة الحقوق التي تنشأ عن العقد، كما يلتزم نحوه بجميع الالتزامات التي تنشأ عن ذات العقد فيرجع الغير على الموكِّل بما له من حق، وفي المقابل يرجع الموكِّل على الغير – وليس الوكيل- بما في ذمته من التزامات. فتقتصر المنازعات في شأن الالتزامات المترتبة عن العقود التي يبرمها الوكيل بين طرفيها – الموكِّل والغير الذي تعاقد معه الوكيل – فحسب، دون أن تطال آثار العقد الوكيل إيجاباً أو سلباً. لمّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بمقدار أجرة الفلل المؤجرة لأقارب موكلها ومورث الطاعنين، رغم أن صفة الطاعنة لا تعدو أن تكون وكيلاً عن الأخير، وقد تمسّكت في دفاعها بأن الموكل نفسه هو الذي طلب منها عدم تحصيل تلك الأجرة، وبفرض تقصير الطاعنة في أداء بعض أعمال الوكالة بتحصيل أجرة هذه الفلل، فإنه ولئن قد يترتّب عليه مسئولية عن تنفيذ التزاماتها بعقد الوكالة – إن توافرت شروطها- إلا أنه لا يعني بحال مسئوليتها عن أداء الأجرة، التي يظل سدادها ملقى على كاهل المستأجر وحده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد وقع في حومة مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه؛ مما يوجب تمييزه.