حكم تمييز بعدم جواز الصورية المطلقة بعد مناقشة حقوق الخصم الناشئة عن العقد
محكمة التمييز الكويتية – طعن رقم 62 لسنة 2022
1- ان محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب احالة الدعوى الى التحقيق متى وجدت في عناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
2- ان ادعاء الخصم بصورية العقد المبرم بينه وبين الخصم الآخر صورية مطلقة غير جائز بعد مناقشته حقوق خصمه الناشئة عن هذا العقد وما يولده بين طرفيه من آثار
3- الصورية المطلقة هي تلك التي تتناول وجود العقد ذاته فيكون العقد الظاهر لا وجود له في الحقيقة ولا يُخفي تصرفاً حقيقياً ، ومقتضى ذلك أنه إذا أقر المتمسك بالصورية بصدور البيع فعلاً من البائع وانحصر النزاع في مسألة أخرى لا تتعلق بوجود العقد فإن هذا النزاع لا يستقيم منه القول بأن العقد منعدم لصوريته صورية مطلقة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده تقدم بطلب إلى إدارة العمل المختصة أورد به وفيما أجرى بشأنه من تحقيقات إنه التحق بالعمل لدى الطاعنة اعتباراً من 1999/11/20 بوظيفة مدرس بأجر شهري مقداره 400 دينار واستمر في العمل حتى 2000/9/2 وإذ أنهت الطاعنة خدمته لديها فقد طلب إلزامها بأداء حقوق العمالية المتمثلة في 1) أجوره المتأخرة. 2) مقابل مهلة الإعلان. 3) مقابل رصيد الإجازات السنوية. 4) مكافأة نهاية الخدمة. 5) التعويض عن باقي مدة العقد والأضرار المادية والأدبية، ولتعذر التسوية الودية أحيل النزاع إلى المحكمة الكلية حيث قيدت الدعوى برقم 2239/2000 عمالي بذات الطلبات ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 6757.638 ديناراً استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 132/2002 عمالي وبتاريخ 2002/4/22 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز. قدمت النيابة بمذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها صمم الحاضر عن الطاعنة على طلب تمييز الحكم المطعون فيه وطلب المطعون ضده رفض الطعن والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تعني الطاعنة بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن عقد العمل الذي يحكم العلاقة بين الطرفين غير محدد المدة وذلك لأنه يرتبط بالعقد المبرم بينها وبين وزارة الدفاع الذي انتهى قبل انتهاء عقد عمل المطعون ضده وقد قامت بفسخ عقد عمله بعد مرور أكثر من شهر على إعلانه بذلك وبالتالي فإن المطعون ضده لا يستحق تعويضاً عن باقي مدة العقد وقد طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صحة هذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يجيبها إلى هذا الطلب واعتبر أن العقد المبرم بين الطرفين محدد المدة ورتب على ذلك قضاءه بتعويض المطعون ضده عن باقي مدة العقد بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة المنوه عنه بوجه النعي وأطرحه على سند مما خلص إليه مما هو ثابت بالأوراق من أن عقد العمل المبرم بين الطرفين عقد محدد المدة وتحددت مدته بسنتين وأنه لم يتضمن ثمة شروط خاصة بكيفية إنهائه أو ما يفيد أنه مرتبط بالعقد المبرم بين الطاعنة ووزارة الدفاع وجوداً وعدماً ثم رتب الحكم على ذلك قضاءه باستحقاق المطعون ضده تعويضاً عن فسخ الطاعنة لهذا العقد قبل انقضاء مدته وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا خروج فيه على عبارات العقد في ظاهر دلالتها ويؤدي إلى ما انتهى إليه وكان لا تثريب على المحكمة من بعد إن هي لم تستجب لطلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن العقد غير محدد المدة طالما أنها قد وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها في هذا الخصوص ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بصورية عقد العمل المقدم من المطعون ضده. وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك بيد أن الحكم المطعون فيه لم يجبها إلى هذا الطلب بمقولة إن إجازة إثبات الصورية التي تتم احتيالاً على القانون تقتصر على الخصم الذي تم الاحتيال ضد مصلحته لأنه لا يستطيع الحصول على دليل كتابي لإثباتها في حين أنه يجوز إثبات الصورية فيما بين المتعاقدين بكافة طرق الإثبات القانونية بما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لا يجوز من الخصم الادعاء بصورية العقد المبرم بينه وبين خصمه صورية مطلقة بعد أن يكون قد ناقش حقوق خصمه الناشئة عن هذا العقد وما يولده بين طرفيه من آثار لأن مناقشة تلك الحقوق المتولدة عن العقد فيه معنى الإقرار بجديته بما لا يتفق مع الادعاء بصورية هذا العقد صورية مطلقة والتي تعني عدم قيامه أصلاً في نية عاقديه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة قد ناقشت في مذكرتها المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 2001/3/25 مستحقات المطعون ضده لديها الناشئة عن عقد العمل المبرم بين الطرفين وأقرت بتلك المذكرة بأحقيته في مكافأة نهاية الخدمة والتي لا تستحق للعامل إلا بعد إنهاء عقد العمل المبرم بين الطرفين بما ينبئ عن إقرارها بجدية هذا العقد وإجرائه آثاره القانونية بين طرفيه وبالتالي فلا يقبل منها بعد ذلك الإدعاء بصورية هذا العقد لأن ذلك يعني عدم قيام هذا العقد أصلاً بين الطرفين وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الإدعاء بالصورية يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويضحى النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.