أحكام قضائيةمحكمة التمييز القطرية

حكم تمييز عقد الرهن الرسمي. وجوب إفراغه في ورقة رسمية وإلا كان باطلاً

محكمة التمييز القطرية – الطعن رقم 69 لسنة 2020

جلسة 21 من إبريل سنة 2020

(1 -3) إثبات “طرق الإثبات: الأوراق العرفية”. بطلان “بطلان العقد”. رهن “الـرهن الــرسمي”. صلح ” تصديق القاضي على الصلـــح “. عقــد “عقـــد الرهن الرسمي”.
حكم ” تسبيبه: عيوب التدليل: ما لا يُعدّ كذلك”

(1) عقد الرهن الرسمي. وجوب إفراغه في ورقة رسمية مستوفاة للإجراءات المحدّدة لإثبات المحرّرات الرسمية وإلا كان باطلاً. م (1059) [مدني].

(2) مجرد التصديق على التوقيعات لا يُضفي على المحرّر العرفي الرسمية في موضوعه. اقتصاره على ثبوت صدور التوقيعات من أطرافه.

(3) تصديق القاضي على الصلح بمقتضى سلطته الولائية لا القضائية. طبيعته. تصديق على التوقيعات. لا يسبغ الرسمية على عقد الرهن. علّة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتباره إلحاق محضر الصلح بمحضر الجلسة غير كافٍ لإسباغ الرسمية على عقد الرهن المشار إليه بمدوّنات عقد الصلح. صحيح.

المحكمة

بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة:

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-تتحصّل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم …. لسنة 2017 [مدني كلي]، بطلب الحكم أولاً: ببطلان عقد الرهن المؤرخ ../../2016 ومحو كافة آثاره واعتباره كأن لم يكن، ثانياً: بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم …. لسنة 2016 [مدني كلي] على سند من أن المطعون ضده الثاني استغلّ وكالته عنه وحرّر عقد رهن لصالح الطاعن للعقارات المبينة بصحيفة الدعوى باعتباره تأميناً لدين مقداره …. ريال، ثمّ أبرم عقد صلح وتم إلحاقه بمحضر جلسة الدعوى رقم …. لسنة 2016 [مدني كلي]، وقد شاب العقد الغش، ولم يتمّ إفراغه  في شكل رسمي، مما حدا به لإقامة الدعوى. حكمت محكمة أول درجة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 2019. وبتاريخ ../../2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة اليوم لنظره.

 وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثاني والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أنه قضى ببطلان عقد الرهن، لعدم إفراغه بورقة رسمية موثقة لدى إدارة التوثيق، رغم أنه سبق إلحاق عقد صلح متعلّق بهذا الرهن بمحضر الجلسة في الدعوى رقم …. لسنة 2016 [مدني كلي]، فتكون بذلك المحكمة سبق وأن أسبغت عليه صفة الرسمية بحسبانها السلطة الأعلى من إدارة التوثيق التي اعتبرها الحكم الجهة الوحيدة المنوط بها ذلك، وإذ لم يعتدّ الحكم بتلك الرسمية لعقد الرهن؛ فإنه يكون معيباً، ويستوجب تمييزه.

 وحيث إن هذا النعي في غير محلّه؛ ذلك أن النصّ في المادة (1059) من القانون المدني على أن: ” 1-لا ينعقد الرهن الرسمي إلا إذا كان بورقة رسمية موثقة وفقاً للقانون …”، والمادة (2) من القانون رقم (9) لسنة 1979 على أن: ” تختصّ إدارة التوثيق، بالإضافة إلى اختصاصاتها الواردة في القانون رقم (14) لسنة 1964م بما يأتي: 1-تلقي المحرّرات وتوثيقها. 2- إثبات المحررات الرسمية في الدفاتر المعدّة لذلك… 7- التصديق على توقيعات ذوي الشأن في المحرّرات العرفية…”؛ يدلّ على أن عقد الرهن الرسمي هو عقد شكلي لا يعتبر صحيحاً إلا إذا تمّ إفراغه في ورقة رسمية مستوفاة للأوضاع والإجراءات التي يحدّدها المشرّع لإثبات المحرّرات الرسمية، والتي خصّ بها إدارة التوثيق، وأن مجرد التصديق على التوقيعات للمحرّر العرفي هو إجراء يغاير إثبات المحرر الرسمي من حيث حالاته وآثاره، فلا يُضفي هذا التصديق على المحرّر الرسمية بالنسبة لموضوعه، ولا يُعدّ إلا دليلاً على صدور التوقيعات المذيّلة للمحرّر من أطرافه، وإذ كان القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة، بل تكون مهمته مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق بمقتضى سلطته الولائية وليس بمقتضى سلطته القضائية، فمن ثم فإن هذا الإجراء من القاضي على محضر الصلح ولئن جاز اعتباره تصديقاً على توقيعات الخصوم عليه، إلا أنه لا يرقى بحال لأن يحلّ محلّ إفراغ العقود التي استلزم لها المشرّع الشكلية في الدفاتر المعدّة لإثبات المحرّرات الرسمية، ذلك أنه فضلاً عن مغايرة إجراء التصديق عن إثبات الرسمية، فإن هذا التصديق بذاته لا يسبغ الرسمية على عقد الرهن المحرّر في ورقة منفصلة عن عقد الصلح، ولو تضمن العقد الأخير الإشارة إليه في مدوناته، ولا يقوم مقام إثبات العقود الشكلية في الدفاتر المعدّة للمحرّرات الرسمية. ذلك أن المشرّع استلزم إفراغ عقد الرهن ذاته ببنوده وشروطه باعتباره عقداً شكلياً في ورقة رسمية؛ تحقيقاً لمصلحة مشتركة للراهن والدائن المرتهن، فضلاً عن تعزيز مصلحة الائتمان في حد ذاته. لمّا كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، واعتبر أن إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة في الدعوى رقم …. لسنة 2016 [مدني كلي] لا يكفي لإسباغ الرسمية على عقد الرهن الذي أشار عقد الصلح إليه في مدّوناته؛ فإنه يكون أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض بين أسبابه ومنطوقه؛ ذلك أنه قضى بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم …. لسنة 2016 [مدني كلي]، وهو بمثابة انعدام للحكم يشترط لتحققه افتقاده لأحد أركانه الأساسية، فضلاً عن أن الحكم اقتصر في أسبابه على التقرير بعدم الاعتداد بالتصديق على عقد الصلح بينما استطرد في منطوقه إلى عدم الاعتداد بالحكم برمته؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن الحكم الذي يقضي بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه لا يعدو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون عقداً وليس له حجية الشيء المحكوم به وإن أُعطي شكل الأحكام عند إثباته، ومن ثم فإنه لا يسري عليه ما يسري على حالات انعدام الأحكام أو بطلانها، وإنما يكفي افتقاده بحسبانه عقداً لأي شرط من الشروط اللازمة لقيام هذا العقد. وإذ كان الحكم القاضي بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة لا يتجاوز مضمونه التصديق على عقد الصلح، فإن قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بعدم الاعتداد به، يكون بمنأى عن التناقض، ويضحى النعي على غير أساس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى