حكم تمييز التدخل الانضمامي والتدخل الهجومي ماهية وحالات كل منهما
محكمة التمييز القطرية – الطعن رقم 600 لسنة 2019
جلسة 21 من يناير سنة 2020
دعــــوى “التدخـل فـي الدعــــوى”. حـكـــم “تسبيبــه: عيــوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون”.
التدخل الانضمامي والتدخّل الهجومي. ماهية كل منهما. المادة (78) من قانون المرافعات. العبرة في وصف نوع التدخّل هي بحقيقة تكييفه القانوني. تدخّل الطاعن الثاني بطلبات قصد بها الحكم لنفسه وللشركة بحسبانه شريكاً فيها. مغايرتها لطلبات الخصم المتدخّل لجانبه. أخذ الحكم المطعون فيه بوصف التدخّل الذي أسبغه الطاعن الثاني على تدخّله، وعدم فطنته لحقيقة التكييف الصحيح له وحجبه نفسه بذلك عن بحث طلبات المتدخّل. خطأ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-تتحصل في أن الطاعن الأول عن نفسه وبصفته شريكاً في الشركة أقام على المطعون ضده عن نفسه وبصفته مديراً عاماً للشركة الدعوى رقم …. لسنة 2016، بطلب إلزامه بتقديم ميزانيات الشركة وبأن يؤدي للشركة تعويضاً مقداره …. ريال، على سند من أن المطعون ضده بصفته مديراً عاماً للشركة أهمل في واجبه بعدم إعداد ميزانيات للشركة واعتمادها من الجمعية العمومية ولم يطلع الشركاء على أرباحها التي قامت الشركة بتحقيقها. تدخّل الطاعن الثاني في الدعوى بصحيفة طلب في ختامها، أولاً: إلزام المطعون ضده عن نفسه وبصفته مديراً عاماً للشركة بأن يؤدي للشركة مبلغ …. ريال قيمة الأرباح التي حققتها الشركة واستولى عليها لنفسه، ثانياً: إلزامه بأن يؤدي له مبلغ …. ريال رسوم كفالة مستحقة للمتدخّل فضلاً عن التعويض. ندبت محكمة أول درجة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 2017 .وبتاريخ ../../2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة اليوم لنظره.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين، ذلك أن صحيفة تدخّل الطاعن الثاني في الدعوى تضمنت طلبات من بينها إلزام المطعون ضده عن نفسه وبصفته مديراً عاماً للشركة بأن يؤدي له رسوم الكفالة، وللشركة الأرباح التي حققتها واستحوذ عليها لنفسه. فضلاً عن إلزامه بالتعويض له وللشركة مناصفة إلا أن الحكم المطعون فيه رفض موضوع التدخّل باعتباره تدخّلاً انضمامياً وعدم اختصامه الشركة كشخص معنوي، كما اعتبر الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة قد أغفلت الفصل في طلب إلزام المطعون ضده بأن يؤدي الأرباح التي استولى عليها لنفسه – وهو ذاته أحد الأسس المبني عليها طلبهما بالتعويض مناصفة بينهما والشركة-، ورغم ذلك قضي برفض طلبهما بالتعويض تأسيساً على عجزهما عن إثبات الضرر الذي لحق بهما، فأصابه التناقض، بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه في محلّه؛ ذلك أن النصّ في المادة (78) من قانون المرافعات على أن:” يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخّل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم، أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى. ويكون التدخّل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة، أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها. ولا يقبل التدخّل بعد إقفال باب المرافعة. وتحكم المحكمة في كل نزاع يتعلّق بالتدخّل. ولا يجوز أن يترتّب على التدخّل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم فيها. وتحكم المحكمة في موضوع طلب التدخّل مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك، وإلا استبقت موضوع طلب التدخّل للحكم فيه بعد تحقيقه.”؛ يدلّ على أن نطاق التدخّل الانضمامي مقصور على أن يبدي المتدخّل ما يراه من أوجه الدفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما، فإن طلب المتدخل الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة أو أحدهما، فإن تدخّله – على هذا النحو – يكون تدخّلاً هجومياً يجري عليه ما يجري على الدعوى من أحكام، والعبرة في وصف نوع التدخّل هي بحقيقة تكييفه القانوني لا بالوصف الذى يسبغه عليه الخصوم. لمّا كان ذلك، وكانت الدعوى قد رفعت ابتداء من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته شريكاً بالشركة بطلب إلزام المطعون ضده – عن نفسه وبصفته مديراً عاماً للشركة وممثلها القانوني كشخص معنوي- بأن يقدم ميزانيات الشركة السنوية عن الفترة محل التداعي، فضلاً عن تعويض الشركة بالمبلغ المطالب به، وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة تدخّل في الخصومة الطاعن الثاني عن نفسه وبصفته أحد الشركاء طالباً الحكم بعدة طلبات من بينها إلزام المطعون ضده – عن نفسه وبصفته مدير الشركة- بأن يؤدي له رسوم الكفالة، وللشركة الأرباح التي حققتها واستحوذ عليها لنفسه. وهي طلبات قصد بها الحكم لنفسه وللشركة بحسبانه شريكاً فيها، وتغاير طلبات الطاعن الأول في الدعوى، فلا يعتبر بحال هذا التدخل انضمامياً للطاعن الأول، وإنما تدخلاً هجومياً ابتغى فيها الحكم لصالحه، إلا أن الحكم المطعون فيه أخذ بوصف التدخّل الذي أسبغه الطاعن الثاني على تدخله، ولم يفطن لحقيقة التكييف الصحيح له، فحجب نفسه عن بحث طلباته، وإذ قضى الحكم المطعون – من وجه ثانٍ- برفض طلب الطاعنين بالتعويض تأسيساً على عجزهما عن إثبات عناصره، رغم أنه اعتبر سلفاً أن طلبهما بالأرباح التي استولى عليها المطعون ضده لنفسه قد أغفلته محكمة أول درجة في حين أنه في الوقت ذاته أحد أسس المطالبة بالتعويض ،بما يشوبه بالتناقض في الأسباب، ويعيبه بمخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه.