أحكام قضائيةمحكمة التمييز القطرية

حكم تمييز مسئولية مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة

محكمة التمييز القطرية – الطعن رقم 154 لسنة 2019

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2019

(2،1) شركات “الشركة ذات المسئولية المحدودة: مسئولية مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة”. حكم ” عيوب التدليل: الخطأ فـي تطبيق القانون، القصور فـي التسبيب”.

المحكمة

بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة:

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنين والمطعون في مواجهتهما أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم … لسنة 2011 مدني كلي بطلب الحكم. أولاً: بإلزام المطعون ضدهم الأول والثاني والرابعة بالتضامن بأن يردوا لهما مبلغ مقداره ….. ريال. ثانياً: ببطلان التصرّفات الصادرة من المطعون ضده الأول بالبيع أو التنازل عن الأصول والمشاريع المملوكة للشركة المطعون ضدها الرابعة وإلزامه بردها للشركة. ثالثاً: بإلزام المطعون ضدهم بالتعويض. رابعاً: بحل الشركة المطعون ضدها الرابعة وتعيين مصفٍّ لها وبإلزام المطعون ضدهم الأول والثاني والثالثة بالتضامن فيما بينهم بخسائر الشركة المطعون ضدها الرابعة،. على سند من أنهما اتفقا بموجب اتفاقية مؤرخة ../../2006 مع المطعون ضدهما الأول والثاني على المشاركة في الشركة المطعون ضدها الرابعة والتي يمتلكها ويديرها المطعون ضدهما الأول والثاني وزيادة رأس مالها من ….إلى …. ريال، يساهم فيها الطاعنان وآخرين بحصص مبينة بالاتفاقية، وعلى قيام الشركة المطعون ضدها الثالثة بإدارة الشركة مع المطعون ضدهما الأول والثاني بعد زيادة رأس المال، وقام الطاعنان بتوكيل المطعون ضدهما الأول والثاني لتفعيل الاتفاقية وإدخالهما كشركاء في الشركة وزيادة رأس المال بالسجل التجاري لها، وتنفيذاً لهذه الاتفاقية قام الطاعنان بتحويل المبلغ المطالب به لحساب الشركة المطعون ضدها الرابعة كحصتهما في رأس المال بناءً على طلب المطعون ضدهما الأول والثاني، إلا أنهما فوجئا بأن المطعون ضدهما نكلا عن تعديل السجل التجاري بإدخالهما كشركاء في الشركة المطعون ضدها الرابعة أو بزيادة رأس المال واستوليا على المبلغ المطالب به ،وقام المطعون ضده الأول بالبيع والتصرّف في بعض الأصول والمشاريع العقارية المملوكة للشركة المطعون ضدها الرابعة ،مما حدا بهما لإقامة الدعوى. كما أقام المطعون ضده الأول على الطاعنين والمطعون في مواجهتهما الدعوى رقم …. لسنة 2011 بطلب إلزامهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ …. ريال، على سند من أن الشركة المطعون ضدها الرابعة تعاقدت على عدة مشاريع عقارية ،وقد أبرم مع البنوك كفالات شخصية للشركة، إلا أن الطاعنين قد تقاعسوا عن المشاركة في الإدارة أو ضخ أموال للشركة رغم وعدهم بذلك، بما ترتّب عن ذلك خسائر للشركة ولأمواله الشخصية. كما أقام الطاعنان والمطعون في مواجهتهما التظلّم رقم … لسنة 2011 بطلب إلغاء الأمر على عريضة رقم … لسنة 2011 والصادر بتقدير الدين بمبلغ …. ريال، وبتوقيع الحجز التحفظي على المبالغ التي قد تكون لهم تحت يد المطعون ضده الأول. ضمت المحكمة الدعويين والتظلّم، وندبت خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت في الدعوى رقم … لسنة 2011 بإلزام الشركة المطعون ضدها الرابعة بأن تؤدي للطاعنين مبلغ … ريال، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وبعدم سريان تصرفات المطعون ضده الأول في مواجهة الطاعنين بالبيع أو التنازل في الأصول والمشاريع العقارية المملوكة للشركة المطعون ضدها الرابعة، وبعدم قبول طلبي إلزام المطعون ضدهم الأول والثاني والثالثة بالخسائر، وبالتعويض لرفعهما من غير ذي صفة، وبحل الشركة المطعون ضدها الرابعة وتعيين مصفٍّ لها، وفي الدعوى رقم …. لسنة 2011 برفضها، وفي التظلّم رقم … لسنة 2011 بإجابة الطلبات. استأنف الطاعنان والمطعون في مواجهتهما هذا الحكم بالاستئناف رقم … لسنة 2016 ،كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم … لسنة 2016. وبتاريخ ../../2018 قضت المحكمة برفض الاستئنافين، وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق التمييز.  وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة اليوم لنظره.

وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ،ذلك أن اتفاقية المساهمين والتشغيل لم يتم إبرامها مع الشركة المطعون ضدها الرابعة ،وإنما مع المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتهما الشخصية، واللذين تقاعسا عن تعديل السجل التجاري وإدخال الطاعنين كشركاء بها أو زيادة رأس المال بما أرسلوه من مبالغ مالية بما يكونا ملتزمين بالتضامن عن ردّ المبالغ المحوّلة منهما للشركة المطعون ضدها الرابعة، فضلاً على أنهما بصفتهما مديرين للشركة ملتزمين بالتضامن أيضاً عن الأضرار التي تلحق بالمساهمين أو الغير ،نتيجة الغش والخطأ في الإدارة أو إساءة استعمال السلطة، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض القضاء بتضامن المطعون ضدهما الأول والثاني مع الشركة في رد هذه المبالغ ،بما يعيبه ويستوجب تمييزه.

  وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة (242) من قانون الشركات التجارية رقم (5) لسنة 2002 – والمقابلة لنص المادة (244) من قانون الشركات التجارية رقم (11) لسنة 2015-  على أن :” يكون حكم المديرين من حيث المسئولية حكم أعضاء مجالس إداراة الشركات المساهمة”، والمادة (112) منه – والمقابلة لنص المادة (113) من قانون الشركات التجارية رقم (11) لسنة 2015- على أن: ”  رئيس وأعضاء مجلس الإدارة مسؤولون بالتضامن عن تعويض الشركة والمساهمين والغير عن الضرر الذي ينشأ عن أعمال الغش، أو إساءة استعمال السلطة، أو مخالفة أحكام هذا القانون، أو النظام الأساسي للشركة، وعن الخطأ في الإدارة، ويقع باطلاً كل شرط يقضي بغير ذلك”، يدل على أنه تعزيزاً للثقة في التعاملات مع الشركات التجارية وتشجيع الأفراد على الاستثمار في الشركات المحلية، وحماية لأموال المساهمين فيها، ودرءاً لتلاعب أشخاص مجلس الإدارة بأموال المساهمين واستغلالها لتحقيق مآرب شخصية أو الإهمال في إدارة هذه الأموال بما قد يترتّب عليه أضرارٌ بالمساهمين، فقد عمد المشرع إلى ترتيب مسئولية مدنية شخصية على مجالس إدارة الشركات المساهمة، بحيث يكونون مسئولين في أموالهم الشخصية عن تعويض هذه الأضرار التي قد تنشأ عن أي أعمال غش أو إساءة لاستعمال السلطة، أو الخروج عن أحكام القانون الملزمة، أو النظام الأساسي للشركة، كما تستطيل المسئولية حتى إلى الأخطاء التي يرتكبونها في إدارة أعمال الشركة وينجم عنها أضرار بأموالها، وباعتبار أن اقتصاد الشركات يرقى لأن يكون أحد روافد الاقتصاد المحلي وحماية للمصالح الاقتصادية للأفراد والدولة بصفة عامة، فقد اعتبر المشرع أن هذا الحظر على مجالس الإدارة يعتبر من النظام العام ويعلو على مصلحة الأفراد بحيث يجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها، ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم، فيقع باطلاً كل شرط بينهم يقضي بغير ذلك. ولئن كان مدير الشركة ذات المسئولية المحدودة يمتلك السلطة التامة في إدارتها كأصل عام وتصرفاته تكون ملزمة للشركة فلا يُسأل في أمواله الخاصة عن هذه الإدارة أو التزامات الشركة، إلا أنه باعتباره مديراً للشركة وحكمه في هذا الشأن من حيث المسئولية كحكم أعضاء مجلس إدارة الشركات المساهمة، فإن مسئوليته عن الأضرار التي قد تلحق بالشركاء أو الغير قد تمتد إلى أمواله الشخصية وبالتضامن مع الشركة في الأحوال ذاتها التي تنطبق على أعضاء مجلس إدارة الشركات المساهمة. لما كان ذلك ،وكان الطاعنان قد تمسّكا أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله مسئولية المطعون ضدهما الأول والثاني بالتضامن مع الشركة المطعون ضدها الرابعة-ذات مسئولية محدودة- بحسبانهما مديرين لها عن الأضرار التي لحقت بهما ،وباعتبارهما من حيث مسئوليتهما في حكم أعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض التضامن تأسيساً على انفصال ذمة الشركاء الشخصية عن ذمة الشركة، وهو ما لا يواجه هذا الدفاع ولا يصلح رداً عليه، رغم أنه دفاع جوهري – إن صح- قد يتغيّر به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي جرّه للخطأ في تطبيق القانون ،مما يوجب تمييزه جزئياً في هذا الخصوص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى