حكم تمييز اثار الالتزام بالنسبة للغير
محكمة التمييز القطرية –الطعن رقم 53 لسنة 2019
جلسة 19 من مارس سنة 2019
(1) التزام “آثار الالتزام: اثار الالتزام بالنسبة للغير”. خلف. عقد “آثار العقد: نسبية أثر العقد”.
(2) حكم ” تسبيبه ” ” عيوب التدليل : القصور فـي التسبيب ” . دعـوى ” الطلبات فيها ” ” الدفاع فـي الدعوى : الدفاع الجوهري ” .
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم … لسنة 2016 بطلب الحكم بإلزامها بأداء مبلغ ….. ريال. وقال شرحاً لدعواه: إنه سدد للشركة الطاعنة مبلغ …. ريال مقابل أن تنقل له حق الانتفاع لقطعتي أرض بالمنطقة الصناعية، إلا أنها أخلت بالتزاماتها ولم ترد المبلغ رغم محاولاته لاسترداده، وهو ما ألحق به ضرراً يقدر التعويض عنه بمبلغ قدره …. ريال، مماحدا به لإقامة الدعوى. حكمت محكمة أول درجة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ….. ريال. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 2018 .وبتاريخ ../../2018 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز، وعرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة المشورة- فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول: إنها تمسّكت أمام محكمة الموضوع بأن العقد المبرم مع المطعون ضده، لم تكن الشركة الطاعنة طرفاً فيه، وإنما انعقد بينه وأحد العاملين بالشركة بصفته الشخصية، بما تنتفي معه صفتها الموضوعية في الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم المستأنف دون أن يلتفت لهذا الدفاع الجوهري إيراداً أو رداً ، بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة (175) من القانون المدني على أن “تنصرف آثار العقد إلى المتعاقدين والخلف العام…”، والمادة (177) منه على أن: ” لا يرتّب العقد التزاماً في ذمة الغير، ولكن يجوز أن يكسبه حقاً” ، يدل على أن مبدأ نسبية أثر العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع مما يقتضي أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه، غير أنه يجوز الخروج على المبدأ السالف بإرادة طرفيه في شقه الإيجابي، وهو إنشاء الحق دون شقه السلبي بتقرير الالتزام، أي أنه ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير، وإن كان لهما أن يشترطا حقاً لمصلحة ذلك الغير. وأنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن كل طلب أو وجه دفاع يدلي به الخصم أمام محكمة الموضوع، ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه، وكان هذا الفصل مما قد يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، فإن إغفال الحكم بحثه وتمحيصه يجعله مشوباً بالقصور المبطل. لما كان ذلك ، وكانت الشركة الطاعنة قد تمسّكت بدفاع مؤداه أنها لم تكن طرفاً في العقد المبرم مع المطعون ضده في خصوص قطعتي الأرض موضوع الدعوى، وأن مجرد إبرامه مع أحد العاملين بالشركة بصفته الشخصية، لا يترتب عليه أثراً بالنسبة لها باعتباره لم يكن ممثلاً عنها في هذا العقد،. إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن إيراد هذا الدفاع أو الرد عليه، رغم أنه دفاعٌ جوهريٌ من شأنه- لو صح – أن يتغيّر به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بالقصور في التسبيب الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، ويوجب تمييزه.