أحكام قضائيةالقانون المدنيمحكمة التمييز القطرية

محكمة التمييز التشابه الخادع بين العلامات التجارية

محكمة التمييز

جلسة 1 من يوليو سنة 2021

الطعن رقم 320 لسنة 2021 تمييز مدني

( 1- 5 ) اسم تجاري “التشابه الخادع في الاسم التجاري”. علامات تجارية “التشابه الخادع بين العلامات التجارية”. محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير التشابه بين العلامات التجارية”. حكم “عيوب التدليل: القصور في التسبيب، الفساد في الاستدلال، الخطأ في تطبيق القانون”.

(1) الاسم التجاري. تمايزه عن العلامة التجارية. صلاحية الاسم التجاري أن يشكل في ذاته علامة تجارية بطريقة رسم حروفه أو ألوانه أو بشكل ما يحيط به من إطار أو ما يتم مزجه معه من صور ورموز؛ بما يجعل له شكلاً مميزاً ينطبع في الذهن.

(2) الحماية القانونية للاسم التجاري ولو لم يكن مسجلاً. أثرها. منع الغير من استعماله. شمولها استعمال اسم مشابه له من شأنه تضليل المستهلك أو خداعه.

(3) ترجمة الاسم التجاري من اللغة العربية إلى الإنجليزية أو العكس بمجرده. لا يقوم به التشابه والخلط لدى الجمهور. شرط قيام التشابه والخلط. اشتراك الاسمين في رسم الحروف أو الألوان والنشاط الذي يعبر عنه كلاً منهما.

(4) قيام التشابه الخادع بين اسمين أو علامتين تجاريتين أو نفيه. واقع. استقلال قاضي الموضوع بتقديره. شرطه. استناده إلى أسباب سائغة مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها.

(5) اكتفاء الحكم المطعون فيه باتخاذ التلازم بين الاسمين في ترجمة معناه في اللغتين العربية والإنجليزية مع وحدة النشاط معيار وحيد للقول بالتشابه وتضليل المستهلك دون بحث أوجه التشابه والاختلاف بين الاسمين والعلامتين التجاريتين وأسبقية تسجيل كلٍّ منهما. قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال جرا للخطأ في تطبيق القانون.

المحكمة

بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم … لسنة 2020 [مدني كلي]، بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي لها مبلغاً مقداره ….ريالاً تعويضاً عن الأضرار المادية، ومبلغاً مقداره …. ريالاً عن الأضرار الأدبية، وببطلان تسجيل العلامة التجارية للمطعون ضدها في ../../2019 ومحوها من السجل، على سند من أنها مؤسسة فردية قيدت بالسجل التجاري منذ ../../2015 بالاسم التجاري باللغة الإنجليزية، ونشاطها تجارة العطور، وإذ فوجئت بأن المطعون ضدها تستعمل اسمها التجاري ذاته، الذي لا يعدو أن يكون ترجمة باللغة العربية لاسم الطاعنة التجاري. وتعمل فــي النشاط نفسه، وهــو مـــــا ترتّب عليه خــداع العملاء، وأضرّ بها أضراراً مــــادية وأدبية، مما حـــــدا بها لإقامة الدعوى. قدّمت المطعون ضدها الأولى طلباً عارضاً للحكم ببطلان تسجيل الاسم التجاري للطاعنة، واعتباره كأن لم يكن، ومحوه من السجل التجاري، وبإلزامها بالتوقّف عن استعمال الاسم والعلامة التجارية، فضلاً عن التعويض، على سند من أنها منشأة منذ تاريخ ../../1989، وتمتلك هذا الاسم التجاري منذ أمد سابق على تسجيل الطاعنة. حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى الأصلية، وفي الطلب العارض ببطلان الاسم التجاري للطاعنة المقيد بالسجل برقم ….، واعتباره كأن لم يكن، ومحوها من السجل التجاري والرخصة التجارية، وبمنعها من استخدام الاسم والعلامة التجارية (اكسكلوسف) في (دولة قطر)، وجميع وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، وبإلزام مالك المؤسسة الطاعنة بأن يؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ …. ريال كتعويض. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم … لسنة 2020، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم …. لسنة 2020، وبتاريخ ../../2021 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُددت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ ذلك أنه أقام قضاءه تأسيساً على تشابه الاسم التجاري للطاعنة مع الاسم التجاري للمطعون ضدها الأولى، رغم عدم وجود ذلك التشابه، ذلك أن الاسم التجاري للطاعنة باللغة العربية، بينما استعملت الطاعنة اللغة الإنجليزية في اسمها التجاري، ومجرد أن كلتيهما قد تعتبر ترجمة للآخر، لا يعني أنه الاسم ذاته، حتى يتم حرمان الـــطـــاعـــنة مـــــن استعماله لسبق تسجيل المطعون ضــــدها لـــهذا الاســــم؛ بمـــا يعيبه، ويستوجـــب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محلّه؛ ذلك أن النصّ في المادة (1) مـــن القانون رقم (9) لــسنة 2002 بشأن الـــــعلامـــــات والبيانات التجارية والأسماء التجاريــــة والمؤشـــــــــــــرات الجغرافية والـــرسوم والنماذج الصناعية على أن: ” يكون للكلمات والعبارات والمصطلحات التالية المعاني الموضحة قــرين كــل منها مــــا لـــــم يقتض السياق معنى آخـــر: … العــلامة التــجاريــة: كــل إشارة ظاهــرة تــقبل الإدراك بالبصر قادرة على تمييز منتجات مشروع معيّن لتاجر أو صانع أو مُقدّم خدمة… الاسم التجاري: الاسم الذي يعرف ويميز به مشروع الاستغلال المملوك لأحد الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين… “، والمادة (6) منه على أن: ” تعتبر علامة قابلة للتسجيل بوجه خاص ما يتخذ شكلاً مميزاً من أي مما يلي: الأسماء، والإمضاءات، والكلمات، والحروف، والأرقام، والرسوم، والصور، والرموز، والدمغات، والأختام، والتصاوير، والنقوش البارزة …. وأي إشارة أخرى، أو تشكيلة من الألوان أو لون واحد غير وظيفي، أو صوت، أو رائحة، أو مجموعة من الإشارات إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم، إما في تمييز منتجات مشروع صناعي، أو حرفي أو زراعي أو مشروع خاص باستغلال الغابات أو مستخرجات الأرض أو المنتجات التي تباع أو الخدمات التي تُؤدّى في التجارة.”، والمادة (7) منه على أن: ” مع عدم الإخلال بأحكام المادة (26) من هذا القانون، يعتبر من قام بتسجيل العلامة مالكاً لها دون سواه، ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من سجلت باسمه بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون أن ترفع عليه دعوى بالمنازعة في ملكيته لها..”، والمادة (33) من القانون ذاته على أن: “يتمتع الاسم التجاري بالحماية طبقاً لأحكام هذا القانون ولو لم يكن مسجلاً.”، والمادة (36) على أن: “يكون لمالك الاسم التجاري الحق في منع الغير من استعماله، أو استعمال أي إشارة مشابهة له يكون من شأنها تضليل الجمهور أو إثارة اللبس لديه في شأن المنتجات أو الخدمات المرتبطة به.”، والمادة (37) من هذا القانون على أن: ” تطبق أحكام هذا القانون المتعلّقة بالعلامات التجارية، على الأسماء التجارية بما لا يتعارض مع طبيعتها.”؛ يدلّ – جماع هذه النصوص- على أن المشرّع قد مايز بين الاســــم التجاري والعلامة التجارية، فالأول يقتصر عـلى ذلك الاســـم الذي اختاره الشخــــص الطبيعي أو الاعتباري، وأطلقه عــــلى مشروعه أو منتجاته، بينما العلامة التجارية تتسّع لكلّ الأشكال والأسماء والرسوم والصور وغيرها، مما يُضفي عليها ذاتية خاصة لصيقة بها وبالسلعة أو المنتج أو الخدمة التي يقدمها متخذ هذه العلامة، وقد يصلح الاسم التجاري بذاته أن يكون أيضاً علامة تجارية في الوقت نفسه، من خلال طريقة رسم حروفه، أو الألوان المستعملة في كتابته أو بشكل مــا يحيط به مـــن إطار، أو بما يتم مزجه معه مــن صور أو رموز، أو باندماجه مع أي أو كل مما سبق، أو غيرها، بما يجعله على وجه العموم مميزاً، ويُشكّل في مجموعه شكلاً بصرياً ينطبع في الذهن نتيجة لهذا التركيب، وقد أسبغ المشرّع حماية قانونية على استعمال أحد المشروعات لاسم تجاري ما، حتى لولم يتم تسجيله، وأجاز لمالكه منع غيره من اتخاذ الاسم نفسه، ما دام ذلك قد يؤدي إلى تضليل المستهلك أو خداعه، ولئن كان نظراً لطبيعة المستهلكين (بدولة قطر)، التي يتعدد سكانها بين المواطنين وذوي الجنسيات العربية، مع غيرهم من الجنسيات الأجنبية الذين تتعدد لغاتهم الأصلية، ونتيجة لهذه الاختلافات، فقد تعارف الكثير من السكان على استعمال اللغة الإنجليزية باعتبارها تكاد أن تكون اللغة المشتركة في التعاملات بين المختلفين في اللغات والألسن، وهو ما قد يدعو أصحاب الأعمال إلى وضع اللافتات أو الأسماء باللغتين العربية والإنجليزية، سواء بكتابة الاسم التجاري نفسه باللغة الأخرى بنفس النطق والجرس الصوتي في اللغة الأصلية، أو بترجمة معنى الاسم بإحدى اللغتين إلى اللغة الأخرى، وبعد أن شاع استعمال اللغة الإنجليزية في التعاملات على هذا النحو، فقد حرص المشرّع القطري – وحسناً فَعَلَ- على إعلاء اللغة العربية، وإلزام ليس فقط الجهات الحكومية على استعمال اللغة العربية في كافة تعاملاتها وصياغة عقودها واتفاقياتها، بل أيضاً غير الحكومية منها، وكذلك كافة المؤسسات والشركات الخاصة، فأصدر القانون رقم (7) لسنة 2019 بشأن حماية اللغة العربية، وألزم بموجب نصّ المادة (8) منه كافة المؤسسات والشركات بأن تتسمى بأسماء عربية، وأجـــــــاز لغيرها ممن يكون لأسمائها أو منتجاتها شهرة عالمية، أن تحتفظ بالاســـــم الأجنبي، شريطة أن تكتب قرينه باللغة العربية، وأوجب بنصّ الـــمادة (10) مــــن القانون ذاتــــه كتابة الأسماء والعــــلامات التجارية باللغة العربية، وأجاز كتابتها بلغة أجنبية شريطة إبراز اللغة العربية باعتبارها الأصل الواجب الالتزام به، ورغم هذا الشيوع في استعمال اللغة الأجنبية داخل (دولة قطر)، إلا أن ذلك لا يعني بمجرده وفي حد ذاته أن ترجمة الاسم التجاري من اللغة العربية إلى الإنجليزية أو العكس، أو النطق الصوتي باللغة المقابلة للاسم التجاري بإحدى اللغتين، مــــدعــــاة للتشابه والخلط بين المستهلكين، إلا إذا تشاركا في إشارة أو إشارات أخرى، كرسم الحروف أو الألوان أو غيرها، وباشرا نشاطاً أو أنشطة واحدة، أو متشابهة، مما قد يرقى به إلى مرتبة الخداع البصري أو الصورة الذهنية المتشكلة لدى المستهلك عن هذا الاسم أو العلامة التجارية، ولئن كان قيام التشابه الخادع بين اسمين تجاريين أو علامتين تجاريتين من عدمه هو من مسائل الواقع التي تدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة، التمييز إلا أن ذلك مشروط بأن يستند في قضائه إلى أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لمّا كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنة قد تساندت إلى ما ورد بمستخرج ببعض بيانات السجل التجاري رقم (69558) الثابت به تسجيل اسم الطاعنة مكتوباً باللغة الإنجليزية (Exclusive Perfumes)، وباللغة العربية (اكسكلوسف بيرفيومز لتجارة العطور)، بينما تمسّكت المطعون ضدها بما ورد بشهادة تسجيل العلامة التجارية لها برقم (117325) بالفئة (3) بتاريخ 14/11/2019 الصادرة بناءً على الطلب المقدّم منها في 20/9/2007، والثابت بها شكل العلامة التجارية ورسم حروفها باللغة الإنجليزية (Exclusive) يعلوها رسم بداخله حرف (E)، بما كان يستوجب على المحكمة أن تفطن إلى اختلاف السندين، وعدم الخلط بين الاسم التجاري المقيد بالسجل التجاري في ذاته، مع العلامة التجارية التي يتمّ إيداعها مكتب العلامات التجارية، وأن تتبع الاسم التجاري لكلّ منهما وأسبقية الاستعمال له، فضلاً عن العلامة التجارية للطرفين إن وجدت، وأسبقية تسجيلها؛ للوقوف على ما إذا كانت الطاعنة قد قامت بتسجيل علامة تجارية لها لدى مكتب العلامات التجارية من عدمه، وتاريخ ذلك التسجيل، أم أنها اكتفت بقيد الاسم التجاري فقط، ومضاهاة الاسمين التجاريين والعلامتين التجاريتين إن وجدتا، للوقوف على أوجه التشابه أو الاختلاف بينهما، وما إذا كان ذلك قد يؤدي إلى خداع المستهلك العادي من عدمه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يفطن لذلك، واكتفى باتخاذ التلازم بين الاسمين في ترجمة معناه في اللغتين العربية والإنجليزية، مع وحدة النشاط بينهما، كمعيار وحيد للقول بالتشابه المؤدي إلى إثارة اللبس وتضليل المستهلك، فشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال اللذين جرّاه للخطأ في تطبيق القانون؛ مما يوجب تمييزه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى