حصول الحاضنة على حكم نهائي بنفقة شاملة أجر مسكن يعد تخلياً منها عن مسكن الزوجية
وقد تضمنت الفقرة الثالثة من النص المادة 18 مكرر وجوب قيام القاضي بتخيير الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية أو أن يفرض لها أجر مسكن مناسب ضمن نفقة الصغير .
وقد ذهب قضاء النقض إلى أن إقامة الحاضنة دعوى الاستقلال بمسكن الزوجية يفيد رفضها للبدل النقدى مما يعفى محكمة الموضوع من وجوب تخييرها (الطعن رقم 175 لسنة 62 ق – جلسة 26/5/1997) كما أن اقامه الحاضنة لدعوى المطالبة بأجر مسكن حضانه رغم اقامتها بمسكن الزوجية يعد تخلياً منها عنه واختياراً منها للبدل النقدى بما يوجب اخلائها منه (راجع فى ذلك الحكم رقم 3022 لسنة 45 ق – استئناف عالى الزقازيق – جلسة 28 / 4 / 2004) .
أن حصول الحاضنة على حكم نهائي بنفقة للمحضونين شاملة أجر مسكن إنما يُعدّ اختيار منها لأجر المسكن بديلاً عن الاستقلال بمسكن الحضانة فإذا هى أقامت من بعد دعوى استقلال بمسكن الزوجية تعين الحكم برفض الدعوى لسابقة الحكم فى دعوى النفقة بأجر المسكن بحكم نهائى وإعمالاً لحجية الحكم الصادر بأجر المسكن ولا يجوز للحاضنة معاودة المطالبة بالمسكن بعد طلب أجر المسكن تحقيقاً لاستقرار المراكز القانونية.
أن نص المادة 18 مكرر ثانياً على النحو الذي جاء به إنما يقرر أن للصغار الحق وللحاضنة الاختيار – فللصغار الحق في مسكن الحضانة أما اختيار المسكن أو أجرة فهو مقرر للحاضنة وحدها بحكم النص وعلى ذلك فإن الاختيار ينحصر فيها دون سواها ، وحضانة الصغار حق ثابت للزوجة سواء حال قيام الزوجية أو بعد الطلاق فهم في حضانتها في الحالتين وحقها في المسكن ثابت لها حال قيام الزوجية استناداً إلى قيام الزوجية ذاتها وبعد الطلاق استناداً إلى كونها حاضنة – إذا كانت كذلك – وعلى ذلك فحق الزوجة في المسكن حق ثابت – في حالة وجود صغار في سن الحضانة – ومستمر لها وأن اختلف سببه أثناء قيام الزوجية عنه بعد وقوع الطلاق مما يكون لها معه التعامل بشأنه والتنازل عنه سواء أثناء قيام الزوجية أو بعد وقوع الطلاق ، ومن هذا المنطلق يمكن القول أن قيام الزوجة بالاتفاق مسبقا أثناء قيام الزوجية وقبل إيقاع الطلاق على اختيارها بدلا نقديا كأجر سكن – في حال وقوع الطلاق – بدلا من الاستقلال بمسكن الزوجية لاستخدامه كمسكن حضانة يكون اتفاقا ملزما لها لا يمكنها التحليل منه بعد إيقاع الطلاق
أن حق الحاضنة في الاستقلال بمسكن الزوجية أو ما يهيئه المطلق من مسكن آخر مناسب بوجه عام إنما يستمد مصدره من القانون مباشرة الذي منح الحاضنة هذا الحق ولا يرجع في مصدره إلى اتفاق تعاقدي يتم بين المطلق والحاضنة شأنه شأن الحق في النفقة أو المتعة أو غير ذلك من الحقوق المقرة بمقتضى الشريعة ونصوص قانونية صريحة – وما يؤكد ذلك أن اختيار الحاضنة الاستقلال بالمسكن أو البدل النقدي إنما يتم في الأصل بواسطة القاضي وفى مجلس القضاء وبإرادة واحدة هي إرادة الحاضنة دون أن يشترط المشرع التقاء تلك الإرادة وإرادة المطلق أو توافر عنصر الرضا عليه ، وعلى ذلك فلا يسوغ القول بالنظر إلى اختيار الحاضنة لمسكن الحضانة أو البدل النقدي رضاءا أو قضاءا باعتباره عقد بين طرفين هما الحاضنة والمطلق
أن استرداد المطلق لمسكن الزوجية رهين بثبوت حقه في الاحتفاظ به قانوناً ، فإذا كان المطلق قد تنازل عن حقه في المسكن بأي وجه كتسليمه إلى مالك العقار الذي قام بتحرير عقد عنه باسم الحاضنة أو اتخاذ أي موقف يدل على تخليه عن المسكن وتركه إياه أو كقيام المؤجر باستصدار حكم نهائي بإخلاء مسكن الزوجية وهكذا سقط حق المطلق في استرداد المسكن لكون حقه في الاحتفاظ به قانوناً قد زال .
وخلاصة الأمر أنه يتعين التفرقة بين حالتين :
الأولى : إنهاء الزوج حال قيام الزوجية وقبل الطلاق – للعلاقة الإيجارية وانتهاء حقة فى الانتفاع أو التسامح التى بمقتضاها اتخذ من العين مسكناً للزوجية ثم قيامه بعد ذلك بتطليق زوجته الحاضنة فلا حق للمطلقة الحاضنة فى هذه الحالة فى الإقامة بمسكن الزوجية لانتهاء حقها فى الإقامة بإنهاء الزوج لحقه الشخصى فيه والذى تستمد الزوجة – قبل طلاقها – حقها فى الإقامة من خلاله وذلك إلا إذا أقامت المطلقة الدليل على صورية ما قام به الزوج فى هذا الشأن قبل الطلاق وأنه قد تم كيداً لها ولالتوائه الطلاق وحرمانها من الإقامة بمسكن الزوجية واتخاذه مسكناً للحضانة .
ونحن نرى أن إثبات الصورية فى هذه الحالة تقصر تحقيقاًت النيابة العامة عن إمكانية إثباته ويستلزم إقامة الدعوى به امام المحكمة المختصه وصدور حكم نهائى بإثبات الصورية وتمكين الحاضنة من المسكن .
الثانية : إنهاء الزوج – بعد الطلاق – للعلاقة الايجارية أو إنهاء حقه فى الانتفاع أو التسامح والتى بمقتضاها اتخذ من العين مسكناً للزوجية فإن هذا الإنهاء لا يسرى فى حق المطلقة الحاضنة ويستمر حقها قائماً فى الاستقلال بمسكن الحضانة هى ومحضونها باعتبار أن حقها فى الإقامة بالمسكن لا تستمده من خلال حق المطلق المستأجر وإنما من نص المادة 18 مكرر ثالثاً من قانون الأحوال الشخصية مباشرة والذى يخضع لـه المؤجر والمستأجر والكافة .
كما أن حق الحاضنة في الاستقلال بالمسكن مع المحضونين لا يسقط في حالة قيام المطلق – بعد الطلاق – بالتنازل عنه للمؤجر أو لغيره أو قيامه بتأجيره من الباطن لآخر – بعد ثبوت حقها كحاضنة فيه – لأن حق الحاضنة والمحضونين في هذا المسكن إنما يستمدونه من القانون مباشرة ويتقدم – من ثم – على حق المطلق والمؤجر فيه شريطة أن يكون للحاضنة إقامة ثابتة فيه سابقة عن الطلاق كما تقدم القول , إلا أنه لو قام المستأجر بفسخ عقد الإيجار فيما بينه والمؤجر أو بالتنازل عنه للمؤجر أو للغير – قبل إيقاع الطلاق – ثم أوقع الطلاق على الزوجة الحاضنة سقط حق المطلقة الحاضنة فى الاستقلال بالشقة إلا إذا أقامت الدليل على تحايل المطلق وتعمده إنهاء العلاقة الايجارية قبل إيقاعه الطلاق كيداً للمطلقة ولحرمانها من الاستئثار بالشقة وذلك لأن حقها فى الإقامة بالعين أثناء الزواج إنما تستمده من خلال حق الزوج المتعاقد الأصلى – ومن ثم – ينتهى هذا الحق بانتهاء حق الزوج بتنازله عن العقد خلال الزوجية وقبل أن ينشأ للزوجة حق فى الإقامة بها مستمد من قانون الأحوال الشخصية فى حالة طلاق الزوج لها مع وجود محضونين بيدها وخلاصة الأمر أنه .
وترتيبا على ما تقدم يمكن القول أن يتسنى للمطلق استرداد مسكن الزوجية وإخلاء الحاضنة منه في حالة اختيار الحاضنة للبدل النقدي (أجر السكن) عوضا عن استمرار الإقامة بمسكن الزوجية سواء قبل الطلاق أو بعده أو بعد اختيارها الاستقلال بالمسكن .
وعلى ذلك يمكن القول أنه فى حالة طلب الحاضنة الاستقلال بمسكن الزوجية وجب على المحكمة تخييرها بين الاستقلال به أو الحصول على أجر مسكن ، فإذا اختارت الحاضنة الاستقلال بالمسكن قضى لها بطلباتها وكذا إذا اختارت الحصول على أجر مسكن باعتبار أن طلب أجر المسكن يعد مرتبطا بالطلب الأصلى (الاستقلال بالمسكن) عملاً بالمواد 46 وما بعدها من قانون المرافعات واجبة التطبيق إعمالاً لمقتضى المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 .
ويتعين الإشارة إلى أن نص المادة 18 مكرر ثالثا من النصوص المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز الاتفاق على عدم أحقية الحاضنة فى الاستقلال بمسكن الزوجية ، إلا أن ذلك لا يمس حق الحاضنة فى اختيار البدل النقدى (أجر المسكن).
ونحن نرى أن نص المادة 18 مكرر ثالثا من القرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 والقانون رقم 100 لسنة 1985 من النصوص العملية التى فرضتها ظروف العصر والتى تفتقر إلى السند الشرعى بل وتتعارض مع نصوص وردت فى القرآن الكريم ذلك أن الثابت أن اى من فقهاء المذهب الحنفى المعمول به فى مصر والذى استمد النص من أحكامه لم يقل بإجبار الأب على أن يتخلى عن مسكنه ومأواه لسكنى أولاده وحاضنتهم ، وحاصل آراء فقهاء المذهب الحنفى فى هذا الخصوص التفريق بين ما إذا لم يكن للحاضنة مسكنا مملوكا لها أو كان ذلك ففى الحالة الأولى وجب لها أجر مسكن حضانة سواء من مال الصغير أو من مال أبيه إذا كان الأول لا مال له أما إذا كان لها مسكنا يمكنها أن تحضن فيه الصغير فلا تستحق حتى أجرة مسكن الحضانة، يضاف إلى ذلك أن النص المذكور يتعارض معارضة صريحة مع قول الحق تبارك وتعالى “لا تكلف نفسا إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده” ولا شك أن فى إجبار الأب على ترك مسكنه لحضانة ولده فيه قسرا عنه إنما يلحق به وفى ظروف أزمة الإسكان الراهنة ضرراً لا يعاظمه ضرر مما يجعل الولد مصدر ضرر لوالده وهو ما يتعارض مع نص قرآنى قطعى الثبوت والدلالة ، يضاف إلى ما تقدم أن مجتمعنا الشرقى الإسلامي إنما يأبى أن تستقل مطلقة شابة يخشى عليها من الفتنة فى مسكن تقيم فيه بمفردها مع صغير أو صغيرة لا تعى من أمر نفسها شيئا مما يجعلها مضغة الأفواه ومطمعا لضعاف النفوس فضلاً عما يؤدى معه توافر مسكن تستقل المطلقة بالإقامة فيه إلى فتح المجال أمام بعض المطلقات إلى الانحراف أو الخروج على جادة السبيل .
طلاق الطاعنة الأولى وقع بتاريخ 28/7/1982 وأصبحت تتحصل على نفقة شاملة لبدل السكن وكانت الأحكام تدور مع علتها وقد زال حق الطاعنة الأولى في البقاء بمسكن الحضانة إعمالاً لنص المادة 18 مكرر ثالثا المضافة إلى القانون رقم 25 لسنة 1929 بالتعديل الحاصل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 المشار إليه ومن ثم تضحى والحالة هذه فاقدة لسند حيازتها عين النزاع .