حكم تمييز التضامن بين الدائنين أو المدينين
محكمة التمييز القطرية – الطعن رقم 268 لسنة 2019
جلسة 3 من ديسمبر سنة 2019
(2،1) إثبات “عبء الإثبات” ” من إجراءات الإثبات: ندب الخبراء”. التزام “تعدّد أطراف الالتزام: الالتزام التضامني”. تضامن. خبرة “ندب الخبراء: مهمة الخبير”. حكم “عيوب التدليل: القصور فـي التسبيب، الخطأ فـي تطبيق القانون”.
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والشركة المطعون ضدها الثانية وآخرين غير مختصمين في الطعن ،الدعوى رقم …. لسنة 2016 مدني كلي بطلب الحكم .أولاً: بصورية عقد البيع المبرم بينه وبين شركة تمويل غير مختصمة في الطعن وبطلان بيع العقار رقم …. بالمزاد العلني، ورد العقار رقم ….. له. ثانياً: بإلزام الطاعن والمطعون ضدها الثانية وآخرين بالتضامن بأن يؤدوا له مبلغ ….. ريال، فضلاً عن التعويض، على سند من أنه شريك بالشركة المطعون ضدها الثانية وللحصول على قرض للشركة فقد لجأ لإحدى شركات التمويل الإسلامي وتنازل لها صورياً عن ملكية العقارين موضوع الدعوى، وقامت بدورها بتأجيرهما للشركة المطعون ضدها الثانية والتي تعثرت في تنفيذ التزاماتها، فقامت شركة التمويل ببيع العقار رقم … بالمزاد العلني بأقل من قيمته السوقية واستردت مستحقاتها، ونقلت ملكية العقار الثاني للشركة المطعون ضدها الثانية. ندبت محكمة أول درجة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ …. ريال، وبإلزامها بالتضامن مع الطاعن بأن يؤديا للمطعون ضده الأول مبلغ …. ريال ،ونقل ملكية العقار رقم …. للمطعون ضده الأول. استأنف الطاعن والشركة المطعون ضدها الثانية وآخر هذا الحكم بالاستئنافين رقمي ….، …. لسنة 2017، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم …. لسنة 2017، وبتاريخ ../../2019 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق التمييز. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة ،فحددت جلسة اليوم لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بالتضامن ،في أداء المبلغ المحكوم به تأسيساً على أن الخبير المندوب في الدعوى أورد بتقريره كفالته للدين رغم عدم وجود عقد كفالة، ولم يبين الحكم في أسبابه المصدر الذي اعتمد عليه في القضاء بالتضامن، بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة (302) من القانون المدني على أن: ” التضامن بين الدائنين أو بين المدينين لا يفترض، وإنما يكون بناءً على اتفاق أو نص في القانون، وذلك مع مراعاة قواعد التجارة” ،يدلّ على أنه لا يجوز أن يُبنى التضامن بين الدائنين أو المدينين على وجه الظن أو التخمين، وإنما ينبغي أن يرد إلى نص في القانون أو اتفاق أو عقد، ولا يشترط أن يكون الاتفاق على التضامن صريحاً، بل قد تنصرف إليه إرادة المتعاقدين ضمناً، ويتعيّن أن تكون دلالة الاقتضاء في مثل هذه الحالة واضحة لا خفاء فيها، فإذا اكتنف الشك هذه الدلالة وجب أن يؤول لنفي التضامن لا لإثباته، فلا يكفي لقيام التضامن أن تكون الظروف مرجحة لقيامه، بل يجب أن تكون مؤكدة له بما لا يدع مجالاً للشك في توفره، وعلى من يدّعي قيام التضامن أن يقيم الدليل عليه، فإذا ما ثار الشك في قيامه يعتبر التضامن غير قائم. وقيام الكفالة أو التضامن هو مسألة قانونية تخرج عن مأمورية الخبير التي يجب أن تقتصر على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه، فلا شأن له بالفصل في نزاع قانوني بحسبانه من صميم واجب القاضي واختصاصه الأصيل لا يجوز له على وجه الإطلاق التخلّي عنه لغيره. لما كان ذلك ،وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القضاء بتضامن الطاعن في سداد دين الشركة المطعون ضدها الثانية المحكوم به للمطعون ضده الأول على ما أورده بمدوناته من أن الخبير الحسابي المندوب من المحكمة ،قد ثبت لديه أن الطاعن قد أبرم عقد كفالة تضامنية لدين الشركة المطعون ضدها الثانية، وأن هذه الكفالة مكتوبة ومطابقة للقانون شكلاً وموضوعاً، وإذ كان تكييف العقود والاتفاقيات هو أمر قانوني بحت، يستلزم من القاضي أن يطّلع به بنفسه، ويتفرّد به عن سواه، فإن قضاء الحكم بتضامن الطاعن مع الشركة المطعون ضدها الثانية في أداء مبلغ …. ريال ،يكون قد قام على أساسٍ واهٍ مفترضٍ، ويعيبه بالقصور في التسبيب الذي جرّه للخطأ في تطبيق القانون، مما يوجب تمييزه.