Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أحكام قضائيةالقانون المدنيمحكمة التمييز القطرية

محكمة التمييز تقدير أثر الحادث الاستثنائي على التزامات المدين

محكمة التمييز

جلسة 29 من سبتمبر سنة 2021

الطعن رقم 335 لسنة 2021 تمييز مدني

(1-3) محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير أثر الحادث الاستثنائي على التزامات المدين”.حكم “عيوب التدليل: القصور في التسبيب، الخطأ في تطبيق القانون”.

(1) وقوع حادث استثنائي لم يكن في وسع المتعاقد دفعه أو توقعه جعل وفاءه بالالتزام مرهقاً وليس مستحيلاً. اعتباره مبرراً لرد الالتزام إلى الحد المعقول.

(2) تقدير مدى عمومية الحادث الاستثنائي وفجائيته ومدى الإرهاق الذي يصيب المدين من جرائه. مسألة واقع. استقلال محكمة الموضوع بها. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة”.

(3) أثر جائحة (كوفيد19) على الالتزامات الناشئة عن العقود. اختلاف درجته باختلاف طبيعة كل عقد. أثر ذلك. وجوب تقصي قاضي الموضوع لأثرها على الالتزامات بحسب طبيعة كل عقد. اعتبار قرار اللجنة المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الجائحة بمجردها كافية لجعل التزام المطعون ضدها مستحيلاً، دون بحث أثرها على كل نشاط من الأنشطة المتعددة المؤجر من أجلها. قصور في التسبيب جرّ للخطأ في تطبيق القانون.

المحكمة

بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها تقدّمت للجنة فضّ المنازعات الإيجارية بالطلب رقم …. لسنة 2020، بطلب فسخ عقد الإيجار المبرم بينها وبين الطاعنين، وإلزامهم بردّ شيكات الأجرة والتعويض، على سند من أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ ../../2018 استأجرت من الطاعنين ثلاث محلات تجارية وميزانين وأربعة مكاتب بمنطقة …. بأجرة شهرية قدرها … ريال، وأنها توقفت عن النشاط بسبب جائحة (كوفيد 19)، ومن ثم قدّمت الطلب. قرّرت اللجنة فسخ عقد الإيجار، وإلزام الورثة بردّ الشيكات عن المدة اللاحقة للفسخ أو قيمتها إن تمّ صرفها، ورفضت طلب التعويض وطلب قيمة الشيكات عن المدة السابقة لتاريخ طلب الفسخ مع شمول القرار بالنفاذ المُعجّل. استأنفت المطعون ضدها هذا القرار بالاستئناف رقم …. لسنة 2020، كما استأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم … لسنة 2020، وبتاريخ ../../2021 قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد القرار المستأنف، طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة المشورة – حُدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب،وفي بيان ذلك يقولون:إن الأنشطة التي تباشرها المطعون ضدها سواء من مكاتب إدارية أو بيع الأغذية بالعقار المؤجر لها، لم يشملها قرار الغلق بسبب جائحة (كوفيد 19)، إلا أن قرار اللجنة المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بفسخ العقد بحسبان أن هذه الجائحة تعتبر من قبيل القوة القاهرة، رغم أنه لم يترتب عليها استحالة تنفيذ التزام المطعون ضدها؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي في محلّه؛ ذلك أن النصّ في المادة (171) من القانون المدني على أن: ” 1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون. 2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.”، وفي المادة (188) من القانون ذاته على أنه “:1- في العقود الملزمة للجانبين، إذا أصبح تنفيذ التزام أحد المتعاقدين مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد له فيه، انقضى هذا الالتزام ،وانقضت معه الالتزامات المقابلة له ، وانفسخ العقد من تلقاء نفسه.”؛ يدلّ على أنه ولئن كان الأصل في العقود أنه لا يجوز تعديلها إلا باتفاق أطرافها، إلا أنه في أحوال استثنائية وأثناء تنفيذ العاقدين لالتزاماتهما، قد يطرأ ما لم يكن في حسبان المتعاقدين عند إبرام العقد، من حوادث طارئة أو ظروف فجائية، تخلّ بالتوازن المفترض بين التزامات الطرفين وحقوقهما، فلا يستطيع المدين بالالتزام دفعها وتجاوزها، فيضحى لهذا الحادث الطارئ أثراً ومردوداً على التزاماته الناشئة عن العقد، بحيث يترتّب عليها أن يعود عليه بخسارة، فإن كانت خسارته تلك لا تعتبر من قبيل الخسارة الفادحة، فلا أثر لها على تنفيذ كامل التزاماته، فالخسارة المألوفة في التعامل في نطاق العقود لا تكفي بذاتها لإعمال حكم الظروف الطارئة أو الأحداث الاستثنائية. أما إن ترتب على هذا الحادث أن أضحى تنفيذ الالتزام مستحيلاً، فإن هذا الحادث يعتبر في هذه الحالة قد بلغ حد القوة القاهرة، فتنقضي تبعاً لها التزاماته، وما يقابلها من التزامات الطرف الآخر، وينفسخ العقد تلقائياً، ولكن في أحيان قــــد يتجاوز أثر هــــذا الحــــادث الطارئ من ناحية، حدّ السعة والخسارة المألوفة للمدين، بيد أنه من ناحية أخرى لم يبلغ درجة القوة القاهرة واستحالة تنفيذ الالتزام، فلا هذا ولا ذاك، بل اقتصر أثره على حالة بينية بينهما، فصار تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد ليس مستحيلاً، بل مرهقاً للمدين فحسب، جاز للقاضي في هذه الحالة بناءً على طلب المدين، وتبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يردّ الالتزام المرهق إلى الحدّ المعقول، ولو كان ذلك بمشقة على المدين لا تبلغ حدّ الإرهاق. وتقدير مدى عمومية الحادث الاستثنائي وعدم إمكانية توقعه عند التعاقد، وكذا مدى الإرهاق الذي يصيب المدين من جراء ذلك الحادث الاستثنائي هي مسألة واقع من سلطة محكمة الموضوع، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. ولئن كانت جائحة (كوفيد 19) تعتبر من قبيل الحوادث الاستثنائية، ما دامت قد لحقت إبرام العقد، إلا أنه ليس بطريق اللزوم والضرورة أن تتأثر بها كافة الالتزامات الناشئة عن جميع العقود بنفس درجة التأثر، بل إنها قد لا يترتب عليها أي أثر على الالتزامات بالعقد، في حين أنها قد تبلغ حدّ القوة القاهرة بحيث يستحيل تنفيذ التزام البعض الآخر من العقود، أو يقتصر أثرها فقط على مجرد أن يكون تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين في عقد ثالث، فيتباين أثرها في كل حالة على حدة، بحسب طبيعة كل عقد والالتزام الناشئ عنه، وأثر الجائحة على تنفيذه ومداه، بما يستلزم من قاضي الموضوع أن يتقصّى أبعاد العقد المطروح عليه، بحسب ظروفه، منبتّ الصلة عن غيره، محيطاً بجوانبه، متعمقاً دخائله، بالغاً ببحثه منتهاه للوقوف على طبيعة الالتزام وأثر الجائحة على تنفيذه. لمّا كان ذلك، وكان عقد الإيجار موضوع الدعوى قد انصبّ على عدة أماكن تختلف طبيعتها وتتباين الأنشطة المباشرة في كلّ منها، وقد تمسّك الطاعنون بأن جائحة (كوفيد 19) لم يتأثر بها كافة الأنشطة لكلّ الأماكن التي تستأجرها المطعون ضدها، بما كان يستوجب على محكمة الموضوع أن تُمحّص هذا الدفاع، وتقف على طبيعة العقد المبرم بين الطرفين والغرض المؤجر له تلك الأماكن محل العقد، ومدى تأثرها بالجائحة ومداه، لتصل من كل ذلك إلى تبيان حقيقة ما إذا كان تنفيذ التزام المطعون ضدها، قد أضحى مستحيلاً أم أنه مرهقٌ فحسب، أم أن أثر الجائحة على الالتزام منعدمٌ، أو اقتصر على حدود الخسارة المألوفة فقط ، بيد أن قرار اللجنة المؤيد بالحكم المطعون فيه اعتبر أن جائحة (كوفيد 19) بمجردها، كافية بذاتها على وجه العموم في جعــل التزام المطعـــون ضــدهــا مستحيلاً، دون أن يُعنى ببحث طبيعة الأنشطة التي تباشرها فــي كــل مكان من الأماكن المؤجرة على حدة، ومدى تأثرها بالجائحة والقرارات التي صدرت لحصارها، والتضييق من انتشارها، فشابه القصور في التسبيب، الذي جرّه للخطأ في تطبيق القانون؛ مما يوجب تمييزه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى