أحكام قضائيةالقانون المدنيمحكمة التمييز القطرية

محكمة التمييز سلطة قطر للأسواق المالية في توقيع الجزاءات المالية

محكمة التمييز

جلسة 27 من سبتمبر سنة 2021

الطعن رقم 248 لسنة 2021 تمييز مدني

(1) قانون ” تطبيقه” ” تفسيره”.

تطبيق القاضي للنص القانوني الحاكم للواقعة المطروحة عليه. مقتضاه. تفسير النص بما تحتمله عباراته دون الخروج عن معناها أو الالتواء بها عن سياقها؛ وصولاً لمقصد المشرّع.

(2) هيئات “هيئة قطر للأسواق المالية: سلطة الهيئة في توقيع الجزاءات المالية”. حكم “عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون”.

مخالفة المادة (29) من القانون رقم (8) لسنة 2012. تشكل الجريمة المؤثمة بنص المادة (40) من ذات القانون. اختصاص السلطة القضائية بالعقاب عليها. لا يسلب [هيئة قطر للأسواق المالية]اختصاصها بفرض الجزاءات المالية المنصوص عليها بالمادة (35) من ذات القانون.مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر، وقصره سلطة الهيئة في توقيع الجزاءات على الأشخاص الخاضعين لرقابتها. خطأ.

المحكمة

بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصّل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة التظلّم رقم …. لسنة 2019، بطلب الحكم بإلغاء الجزاء المالي الذي فرضته الطاعنة عليه وفي ../../2020 أصدرت لجنة التظلّمات قرارها بإلغاء البند المتعلق بالجزاء المالي لعدم اختصاص الهيئة. استأنفت الطاعنة على ذلك القرار. قضت المحكمة برفض الاستئناف، وتأييد القرار المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحُدّدت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وقالت بياناً لذلك: إن الحكم المطعون فيه عندما قصر سلطة الطاعنة في تطبيق الجزاء على الأشخاص الخاضعين لرقابتها في تنظيم ورقابة أنشطة السوق؛ يكون قد خالف صريح المواد (29و35و40) من القانون رقم (8) لسنة 2012 بشأن (هيئة قطر للأسواق المالية)؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن تطبيق القاضي للنصّ القانوني الحاكم للواقعة المطروحة عليه والذي ثار الخلاف على نطاقه، يقتضي منه أن يعرض لتفسير هذا النصّ بما تحتمله عباراته باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في موضوع الدعوى، والمحكمة حين تعمل هذه السلطة في التفسير القضائي للنصوص التشريعية؛ يتعيّن ألا تحملها على غير مقاصدها، وألا تُفسّر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهاً لها سواء بفصلها عن موضوعها، أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، ذلك أن المعاني التي تدلّ عليها هذه النصوص والتي ينبغي الوقوف عندها، هي تلك التي تعتبر كاشفة عن إرادة المشرّع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص تبياناً لحقيقة وجهته وغايته من إيرادها، مع الاستهداء في ذلك بالتطوّر التاريخي للنصوص القانونية التي تفسرها، وباعتبار أن النصوص المختلفة في القانون الواحد – كأصل عام – مرتبطة بعضها ببعض، وتوضح بعضها بعضاً، فينبغي في تفسير إحداها تقريب هذا النصّ من سائر النصوص الأخرى، لإمكان استخلاص دلالة النصّ الحقيقية وتحديد نطاقه بما يتفق مع سائر النصوص وفي غير معزل عنها.فإذا أورد المشرّع مصطلحاً معيناً في نصّ ما لمعنى معيّن، وجب صرفه لهذا المعنى في كل نصّ آخر يرد فيه. وكل هذا يجب أن يتظلّل بأصول تفسير النصّ بما يفهم من عبارته، أو إشارته أو دلالته، أو اقتضائه، وإذا تعارض معنى مفهوم بطريق من هذه الطرق، ومعنى آخر مفهوم بطريق آخر منها، رُجّح المفهوم من العبارة على المفهوم من الإشارة، ورُجّح المفهوم من أحدهما على المفهوم من الدلالة. وكان النصّ في المادة (29) من القانون رقم (8) لسنة 2012: “لا يجوز لأي شخص مزاولة أنشطة الأسواق المالية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك……….”، والمادة (35): “في حالة مخالفة أحد الأشخاص لأحكام هذا القانون أو اللوائح أو القرارات الصادرة تنفيذاً له، يجوز للهيئة اتخاذ كل أو بعض الإجراءات الآتية:…….11- فرض جزاء مالي بما لا يجاوز (10,000,000) عشرة ملايين ريال.”، والمادة (40): “مع عدم الإخلال بالجزاءات المالية التي تفرضها الهيئة بموجب أحكام هذا القانون واللوائح والنظم والقرارات الصادرة تنفيذاً له، أو بأيّ عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تقل عن (50,000) خمسين ألف ريال، ولا تزيد على (10,000,000) عشرة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من:……….9- خالف أحكام المواد: (29)،(33)،(34) من هذا القانون.”؛ يدلّ على أن مخالفة المادة (29) من هذا القانون، وإن كانت تُشكّل الجريمة المعاقب عليها بالمادة (40) من هذا القانون، ويكون الاختصاص بالإحالة والعقاب عليها في هذه الحالة للسلطة القضائية، إلا أن ذلك لا يخلّ بالجزاءات المالية التي تفرضها الهيئة بموجب أحكام هذا القانون، ولا يسلب الهيئة اختصاص تطبيق الجزاء المالي على المخالف لأحكام هذا القانون؛ عملاً بما تقرّره المادة (40) آنفة البيان. لمّا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف التفسير الصحيح لنصوص القانون رقم (8) لسنة 2012، واعتبر أن سلطة الهيئة في تطبيق الجزاءات قاصرة على الأشخاص الخاضعين لرقابتها، ورتّب على ذلك اعتبار أن المطعون ضده من الغير الذين لا يخضعون لسلطتها؛ فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى