حكم تمييز الرابطة الوظيفية لا تعد مانعاً أدبياً
محكمة التمييز
جلسة 3 من يونيو سنة 2021
الطعن رقم 241 لسنة 2021 تمييز مدني
تقادم “وقف وانقطاع التقادم: المانع الأدبي: ما لا يعد مانعاً أدبياً”. حكم “عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون”.
المانع الأدبي الموقف لسريان مدة التقادم. عدم انطباقه على الرابطة الوظيفية التي تربط الموظف بالحكومة أو الشخص الاعتباري العام. علة ذلك. اعتبار الحكم المطعون فيه قيام علاقة العمل بين المطعون ضده والطاعن بصفته مانعاً أدبياً يوقف تقادم حق الموظف لدى جهة عمله وترتيبه على ذلك القضاء للمطعون ضده ببدل طبيعة عمل بعد اكتمال مدة تقادمها. خطأ
المحكمة
بعد الاطّلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع-على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصّل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن”بصفته” الدعوى رقم …. لسنة2019[مدني كلي]، الدعوى رقم…. لسنة2019، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ …. ريـال،وقال بياناً لذلك:إنه كان من العاملين لديه بوظيفة (أمين سر جلسة ثانٍ) بداية من ../../1973 إلى تاريخ إنهاء خدمته في ../../2016، وكان راتبه الأخير (8000) ريال، وأن مستحقاته صرفت له دون بدل طبيعة العمل بنسبة (35%) من راتبه، وذلك دون وجه حق؛ مما حدا به إلى إقامة الدعوى.وبتاريخ 30/4/2019حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.وبإحالة الدعوى إلى الدائرة الإدارية، قُيّدت تحت رقم …. لسنة 2019، وبتاريخ ../../2020 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده بدل طبيعة العمل بنسبة (35%) من راتبه عن الفترة من ../../2010 إلى ../../2012،استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم (184) لسنة2020، كما استأنفه المطعون ضده تحت رقم (185) لسنة 2020،وبتاريخ 3/2/2021 قضت المحكمة برفض الاستئنافين موضوعاً، وتأييد الحكم المستأنف.طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق التمييز،وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة؛ فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وقال بيانا لذلك: إنه تمسّك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بسقوط حق المطعون ضده في طلب بدل طبيعة العمل، وهو من الحقوق الدورية فتسقط بالتقادم الخمسي، وأن علاقة العمل لا تُمثّل مانعاً أدبياً يحول دون المطعون ضده ومطالبته بمستحقاته المالية بالطرق القانونية لانتفاء هذا المانع، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن دفع الجهة الإدارية بتقادم حقوق موظفيها يُعدّ أمرا ًغير أخلاقي، وأن قيام علاقة العمل يُعدّ مانعاً أدبياً من شأنه وقف مدة تقادم حقّ الموظف تجاه الجهة الإدارية التي يعمل لديها؛ بما يعيبه، ويستوجب تمييزه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن النصّ في الفقرة الأولى من المادة (404) من القانون المدني على أن: “1- تتقادم بمضي خمس سنوات دعوى المطالبة بكل حق دوري متجدد، كأجرة المباني والأراضي الزراعية والرواتب والأجور والإيرادات المرتبة ومعاشات التقاعد.”، وفي الفقرة الأولى من المادة (411) من ذات القانون على أن: “1- لا تسري مدة التقادم كلما وُجد مانع يتعذّر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً، كما أنها لا تسري بين الأصيل والنائب.”؛ يدلّ على أن المشرّع نصّ بصفة عامة على وقف سريان مدة التقادم في حال قيام مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان هذا المانع أدبياً، وأن إرادة المشرّع لم تتجه نحو إيراد تلك الموانع على سبيل الحصر، وإنما اتّجهت إلى تعميم الحكم تمشياً مع ما يقتضيه العقل والمنطق سواءً كان المانع مادياً أو أدبياً، وكان مفهوم المانع الأدبي الذي أورده المشرّع ضمن حالات عدم سريان أحكام التقادم بحسبانه سبباً يتعذّر معه على الدائن المطالبة بحقه لا ينطبق على العلاقات والروابط الوظيفية التي تحكم علاقة الموظف بالشخص الاعتباري العام، ذلك أن هذه العلاقة تقوم بالأساس على مقتضيات لائحية وتنظيمية مقيدة بنصوص القانون والنظم الوظيفية ولا تستند، بخلاف العلاقات التي يحكمها قانون العمل، إلى علاقة شخصية بين الموظف والقائمين على شؤون الجهة الإدارية، فلا يفترض أن يكون لمطالبة الموظف بحقوقه المكفولة تشريعياً مردود شخصي لدى جهة عمله باعتبارها شخصاً اعتبارياً عاماً، ومن ثمّ فلا تعتبر علاقة الموظف بالحكومة أو الشخص الاعتباري العام، بحسب الأصل، مانعاً أدبياً من شأنه وقف سريان مدة التقادم. لمّا كان ذلك، وكان الطاعن بصفته تمسّك أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضده في بدل طبيعة العمل بالتقادم الخمسي، وأن المطعون ضده برّر عدم مطالبته بحقه بالمانع الأدبي لقيام علاقته الوظيفية لدى الطاعن بصفته، وكان الحكم المطعون فيه اعتبر أن دفع الجهة الإدارية بتقادم حقوق موظفيها يُعدّ أمراً غير أخلاقي، وأن قيام علاقة العمل يُعدّ مانعاً أدبياً من شأنه وقف مدة تقادم حق الموظف تجاه الجهة الإدارية التي يشتغل لديها، وأيّد الحكم المستأنف فيما قضى به للمطعون ضده من بدل طبيعة العمل عن الفترة من ../../2010 إلى ../../2012، رغم أن إقامته الدعوى كانت بتاريخ ../../2019 أي بعد تسع سنوات من بداية فترة استحقاق البدل وبعد سبع سنوات من انتهائها؛ فإنه يكون قد جانب صحيح القانون؛ مما يعيبه، ويستوجب تمييزه لهذا السبب، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.