حكم نهائي: المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه في حوادث أثناء العمل — تعويض شرطي 500 ألف جنيه بعد بتر ذراعه
في سابقة عملية مُهمة، أيّدت محكمة الاستئناف حكمًا قضى بتعويض رقيب شرطة بمبلغ إجمالي قدره 500,000 جنيه بعد إصابة جسيمة أسفرت عن بتر الذراع الأيمن أثناء مأمورية لتأمين سيارة نقل أموال. الأهمية هنا ليست في المبلغ وحده، وإنما في الأساس القانوني الذي اعتمدته المحكمة: المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، مع الحسم لصالح اختصاص القضاء العادي لا القضاء الإداري، واعتبار الطريق القانوني عبر لجان فض المنازعات قد سُلِك على الوجه الصحيح.
أولًا: القصة والوقائع المختصرة
بدأ الرقيب خدمته في مديرية أمن الإسماعيلية منذ عام 2002. وفي 11 أبريل 2020، وأثناء مأمورية رسمية لتأمين سيارة نقل أموال، وقع حادث انقلاب للسيارة المؤمَّنة. تبين من محاضر جمع الاستدلالات وشهادة أفراد القوة أن سائق السيارة — وهو مجنّد تابع للجهة الإدارية — كان يقود بسرعة لا تتناسب مع حالة الطريق، متجاوزًا الحد الآمن بما أفقده السيطرة على عجلة القيادة، فانقلبت المركبة من أعلى الكوبري. أسفر الحادث عن إصابات متعددة للرقيب، أبرزها إصابة تهتكية بالذراع الأيمن انتهت إلى بتر أسفل مفصل الكوع، مع نسبة عجز مستديم تُقدَّر بنحو 65%.
لاحقًا، صدر قرار إداري بإنهاء خدمته (قرار رقم 6914 لسنة 2022) لعدم اللياقة الطبية. أقام الرقيب دعوى تعويض ضد وزير الداخلية ومدير أمن الإسماعيلية بصفتيهما، طالبًا إلزامهما متضامنين بمبلغ 700,000 جنيه عن الأضرار المادية والأدبية على أساس العمل غير المشروع وبناءً على المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
ثانيًا: قضاء محكمة أول درجة
ثالثًا: أسباب الاستئناف من الجهة الإدارية
تمحورت أسباب الاستئناف حول:
- الدفع بعدم الاختصاص الولائي وانعقاد الاختصاص لمجلس الدولة.
- الدفع بعدم القبول لعدم سلوك طريق اللجان المنصوص عليها بالقانون 7 لسنة 2000.
- الدفع بعدم القبول لرفعها على غير ذي صفة بدعوى وجوب اختصام رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات.
- القصور في التسبيب والمبالغة في تقدير التعويض.
رابعًا: حيثيات محكمة الاستئناف والرد على الدفوع
الخلاصة القضائية: الدعوى قائمة على المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، وليست تعويضًا عن إصابة عمل أو خطأ مرفقي؛ ومن ثم ينعقد الاختصاص للقضاء العادي، مع ثبوت سلوك طريق لجان فض المنازعات.
- الاختصاص: الدفع مردود؛ لأن الأساس هو المسئولية التقصيرية، لا المنازعة الإدارية، فينعقد الاختصاص للمحاكم المدنية.
- طريق فض المنازعات: ثبت تقديم طلب توفيق رقم 3252 لسنة 2023 وانتهائه بالرفض، فيُرفض دفع عدم القبول.
- الصفة: المتسبب تابع للجهة، والواقعة أثناء وبسبب العمل؛ فتنعقد الصفة لوزير الداخلية ومدير الأمن بصفتيهما.
- التعويض: رأت المحكمة إنزال المبلغ إلى 400 ألف (مادي) و100 ألف (أدبي) ليُصبح الإجمالي 500 ألف جنيه نهائيًا، اتزانًا مع عناصر الضرر الثابتة بالأوراق.
أهمية هذا الرد: تأكيد معيار التكييف القانوني للدعوى (تقصير/متبوع وتابع) بوصفه المحدِّد الحاسم للاختصاص والخصومة الصحيحة.
خامسًا: لماذا يعد هذا الحكم مرجعًا للمحامين؟
- ترسيم الاختصاص: قضايا الخطأ الشخصي للتابع أثناء وبسبب الوظيفة تُرفع أمام القضاء العادي.
- ترسيم الخصومة: اختصام المتبوع بصفته صحيح؛ لأنه يُسأل عن أعمال تابعه الضارة.
- استقلال التعويض المدني: لا يُلغي الحق في التعويض المدني اللجوء لمسارات تأمينية/وظيفية.
- منهج الإثبات: محاضر الاستدلال والشهادات والتقارير الطبية تكفي لتكوين عقيدة المحكمة.
- معيار تقدير الضرر: يجب اتساق مبلغ التعويض مع عناصر ضرر مُثبتة ومُعلّلة.
سادسًا: كيف تُطبّق هذه المبادئ على ملفات مشابهة؟ (خطة عملية)
الركن | الأدلة العملية | ملاحظات للمرافعة |
---|---|---|
التابع والمتبوع | قرارات التكليف/المأمورية، وصف الوظيفة، خطوط السير، كشوف القوة | أبرز أن التابع تحت إشراف المتبوع وقت الواقعة |
الخطأ | محاضر الاستدلال، شهادات الشهود، تقارير فنية/مرورية | ركّز على السرعة وعدم ملاءمة القيادة لحالة الطريق |
رابطة السببية | تسلسل زمني للحادث، تقارير الطب الشرعي/الطبي | اربط بين السلوك الخاطئ والنتيجة الضارة مباشرة |
الضرر المادي | فواتير علاج، أجهزة تعويضية، فقد الدخل/الترقي | قيمة تقديرية موثَّقة، وتوقعات مستقبلية معقولة |
الضرر الأدبي | معاناة، تشوّه، حزن، تأثير اجتماعي/وظيفي | صياغة وجدانية مُنضبطة تُبرز جسامة الأثر |
سابعًا: صياغة نموذجية موجزة لصحيفة دعوى (للاسترشاد)
الطلبات: إلزام المدعى عليهم بصفاتهم متضامنين بأداء تعويض (مادي + أدبي) يُقدَّر إجمالًا بمبلغ (…)، مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد، والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
الأساس القانوني: المواد العامة في المسئولية التقصيرية، ومبدأ مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه الضارة متى وقعت أثناء وبسبب الوظيفة؛ واستقرار قضاء الاستئناف على انعقاد الاختصاص للقضاء العادي في هذا التكييف، وتمام سلوك طريق اللجان المنصوص عليه بالقانون 7 لسنة 2000.
ثامنًا: قائمة فحص مختصرة للمحامي قبل الإيداع
اختيار التكييف: تقصير/متبوع وتابع تحديد الاختصاص: القضاء العادي سلوك طريق اللجان (ق 7/2000) مستندات نسبة الخطأ إثبات الضرر المادي إثبات الضرر الأدبي تقدير منضبط للمبلغ
تاسعًا: صفحات من الحكم (للاسترشاد العملي)
الصور التالية تُظهر مقتطفات من صفحات الحكم، وتُفيد المحامي في انتقاء العبارات القضائية الدقيقة عند التسبيب:

الأسئلة المتكررة (للمحامين والمتقاضين)
هل يُشترط اختصام الهيئة القومية للتأمينات في هذه الدعاوى؟
ليس إذا كان التكييف تقصيريًا والمسئولية على المتبوع عن أعمال تابعه؛ اختصام التأمينات يكون في سياق منازعات التأمين/إصابة العمل، وهو مسار مختلف عن دعوى التعويض التقصيري.
متى ينعقد الاختصاص لمجلس الدولة؟
عندما يكون الخطأ مرفقيًا أو النزاع إداريًا بطبيعته. أما إذا تعلّق بخطأ شخصي لتابع أضرّ بالغير أثناء وبسبب الوظيفة، فالأصل اختصاص القضاء العادي وفق هذا النهج.
كيف أُحكِم تقدير التعويض؟
اربط مبلغ التعويض بعناصر ضرر ثابتة بالأوراق: فواتير وتكاليف العلاج، أجهزة تعويضية، فقد دخل وفرص ترقّي، ومعاناة نفسية واجتماعية مُعلّلة. وقدّم سردًا مُحكَمًا لمدى التأثير المستقبلي.
هل يلغي التعويض المدني حقوق المصاب في التأمينات الاجتماعية؟
لا، لكل مسار طبيعته وأساسه؛ ولا تعارض بين المطالبة بالتعويض التقصيري وبين مزايا التأمينات متى توفرت شروطها.
عناوين بديلة وكلمات مفتاحية يقصدها المحامون
- حكم نهائي: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه — اختصاص القضاء العادي في تعويض إصابة أثناء العمل
- المسئولية التقصيرية في حوادث سيارات الشرطة — تعويض 500 ألف جنيه بعد بتر الذراع
- إرشادات عملية للمحامين: التكييف الصحيح بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي
مسئولية المتبوع مسئولية التابع اختصاص القضاء العادي تعويض إصابة بتر الذراع لجان فض المنازعات دعوى التعويض حوادث الشرطة إثبات الخطأ رابطة السببية
الخلاصة العملية
يرسّخ هذا الحكم معالم واضحة لصياغة دعاوى التعويض على أساس المسئولية التقصيرية ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه في الوقائع التي تقع أثناء وبسبب الوظيفة، ويوفّر للمحامي دليلًا عمليًا لتحديد الاختصاص، وضبط الخصومة، وإثبات الأركان، وتقدير المبالغ بما يتّسق مع الأوراق. وفي ملفات الإصابات الجسيمة — كبتر الأطراف — تتضاعف أهمية التعليل المنضبط والتوثيق المستمر لكل عنصر ضرر، بما يحقق تعويضًا عادلًا ومتوازنًا مع العلة من فرضه.
الانتقال سريعًا إلى النموذج المقترح لصياغة صحيفة الدعوى